لعلي بداية أقف عند لفظ عُنيزة بضم العين ،مؤكد أن له مدلوته وتاريخه وتفسيره ، لكني عندما انطقها أحسها تخرج من فمي ومحيطه فقط ،ولكن عندما انطقها عنيزه بتسكين العين ، وكأنما هناك حرف همزة مخففة تسبق العين ، أحسها تخرج من لب روحي ، لأن هذا اللفظ الذي عشنا عليه ، وتفتحت أسماعنا على عزفه وهو كما السامري تتمدد حروفه في كل العروق ثم تخرج وتلف فيما حولها وتعود وقعا جميلا لأذن المغني. وبداية ثانية أشعر أنني أتيه فخراً بهذا الجزء الجميل من وطننا ، من قلب نجد ، حيث عنيزة التي أرست قواعد كبرى للسفر حيث الفوائد تخطت السبع المعروفة ، ومضت بعيدا ، وهي قد أخذت من أبنائها غيمة كغيمة الرشيد ، يذهبون بعيدا، حيث تأتي ثمارهم للمدينة الصغيرة الجامحة من عمق التاريخ ، ومن هسهسات النخيل وطعم التمر السكري ، لتصنع موقعا مميزا بين المدن . وصفها الريحاني بأنها (باريس نجد ) ، وهو وصف حقيقي بحق . فعنيزة لم تنفض عنها غبار الأيام لأنها لم تدع الأيام تغبرها وتدفنها لكنها كانت دائما مواكبة لما يستجد ، وعرفت الهند والسند وعرفت بلاد الشام والعراق ، وأنشأت لها مجمعات هنا وهناك .من القصيم انتقل العقيلات لأنحاء المعمورة. أيام عنيزة الثقافية أيام جميلة بحق ، حيث تجمعت عوامل النجاح والتفوق ، وهذه العوامل لم يكن اهمها حسن اختيار العناوين والمحاضرين ، وتنظيم ذلك تنظيما متسلسلاً بحيث كل ندوة تكون كمدخل لما يليها ، إنما أهم من ذلك الجو العام للسيدات في مركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ،كلاعب أساسي ومن حوله لاعبات يكملن الصورة ويزدنها إتقانا ،وهن من كل جهات عنيزة وشعارهن نحن عنيزة ونحن الكل في خدمة الكل . وهذا ما يزيدني فخرا بهذه البقعة الغالية الذكية إن كان بالإمكان تسمية الأراضي بالذكاء . كان هناك تكامل أوله إيجاد بيئة جميلة ومهيئة للمحاضرات والورش والمعرض المصاحب ، وكل شيء تم حسابه بشكل دقيق . ولعل أجمل هذه الأشياء الروح الراقية التي كانت عليها كل سيدات المركز ، الرجال في الصورة الخارجية يراقبون وينظمون ويساندون ، لكن النساء كن هن المولد للطاقة في كل شيء ، عنيزة كل من فيها يتجاوز الذات ليندمج في نحن ، فيتغلب الكل على الفرد . إذا كان للحب طعم فإن طعم الحب في عنيزة حلو كطعم السكري ويخبز في فرن خاص كما تخبز الكليجا ليوزع على المحيط وينتشر. الثقافة تحتاج لأنفس تعشقها ومحيط ينثر عليها رذاذ الحب واللهفة لغرف العلم والتعلم ، ومن هنا جاء مهرجان عنيزة كأنما يكمل بعضه بعضا .. وكل ندوة تفضي بعدها ، وما يتم من ورش عمل في الصباحات لعنيزة المطر والريح الشمالية المنعشة هو تكملة لصورة جميلة . لا بد أن أقف عند الأوبريت الذي كان في الافتتاح جميلاً وموفقا في حركات الفتيات التعبيرية .وفي الصورة التي نقلها لنا والأفكار التي طرحها الأوبريت . على كل إنها مجموعة أشياء ثقافية تجمعت مع بعضها لتعطي لتستمر نكهة عنيزة مميزة . هذا ما جعلني اتصل بالفاضل ودينمو مركز بن صالح شيخنا ( عبدالله العلي النعيم ) كي أهنئه على هذا المشهد الرائع الذي عزف له قلبي بكل نبضة به. لابد للختام من مسك وهي كلمة شكر للأميرة نورة بنت محمد حرم أمير القصيم تلك السيدة التي ما إن تحل بمكان إلا وتزرع من ثم ينتشر الزرع خاصة والتربة دائما جيدة .