أفادت نتائج نشرتها اللجنة الانتخابية أمس ان زعيم المعارضة فكتور يوشينكو المؤيد للغرب فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت الاحد في اوكرانيا. وبعد فرز 90,03٪ من صناديق الاقتراع اصبح الفارق بين يوتشنكو وخصمه الموالي لروسيا فكتور يانوكوفيتش اكبر من عدد الاصوات التي لم يتم فرزها بعد. وقد حصل يوشينكو على 54,08٪ من الاصوات اي 13,850 مليون صوت مقابل 42,13٪ (10,800 مليون) ليانوكوفيتش، بعد فرز 25,613 مليون صوت. اما نسبة المشاركة شبه النهائية فقد بلغت 77,29٪ من الناخبين. بدأ أنصار يوشينكو احتفالاتهم بالانتصار منذ منتصف ليلة أمس حتى قبل فرز القسم الأكبر من الأصوات لكن المفارقة بين المرشحين كانت واضحة ومستقرة مع التقدم بفرز كميات أكبر من الأصوات حتى بات واضحا تماما حتى منذ ساعات الصباح الأولى أن يوشينكو هو الفائز دون محالة. وبعد أن تم فرز قرابة خمسة وتسعين بالمائة من الأصوات تبين أن حوالي 54٪ منها لصالح يوشينكو وقرابة 43٪ ليانكوفيتش وبالتالي فإن فرز المتبقي منها لن يغير من النتيجة الحاسمة ولا حتى من المفارقة بينهما إلا قليلا حيث يرجح بشكل شبه موثوق أن يبقى هذا الفارق بحدود مليونين ونصف إلى ثلاثة ملايين صوت زيادة عن يانكوفيتش لصالح يوشينكو أي بمفارقة بين 1110٪ تقريبا. وكما كانت الصورة في الطور الأول والثاني فإن الغالبية العظمى من الناخبين في المناطق العشر الشرقية والجنوبية أعطت أصواتها ليانكوفيتش بنسبة تتراوح بين 55٪ و90٪ ووصلت في دانيتسك معقله الأول أكثر من 95٪ بالمائة لصالحه . مثل هذه المفارقات ولكن بشكل معاكس لوحظت في سبع عشرة منطقة غربية وبنسب تتراوح بين 65٪ و90٪ وبلغت حتى أكثر من 96٪ في منطقة الفوف المعروفة تاريخيا بمواقفها الراديكالية في التعاطف مع الغرب والحس القومي الذي يناهض روسيا والتوجهات الشرقية عموما . ولم يكن مفاجئا أن القسم الأكبر من الأوكرانيين في الخارج صوتوا أيضا في إطار التعاطف مع الغرب أو مع روسيا حيث كانت النسبة في الغالب لصالح يوشينكو من المواطنين الذين يعيشون في أوربا والولايات المتحدة ولصالح يانكوفيتش في روسيا ودول التجمع . هذه النتائج أبرزت عمليا وجود شرخ حقيقي وجدي وخطير بين مناطق الشرق والجنوب من جهة ومناطق الغرب والوسط من جهة ثانية مما يحتاج إلى حكمة كبيرة في الداخل وتفاهم صعب بين أقطاب التجاذب خارج أوكرانيا . وقد خرج يوشينكو في الثالثة صباحا إلى الجماهير التي عادت للاحتشاد في ميدان الاستقلال بأعداد كبيرة مهنئا بالفوز وشاكرا الدعم الكبير الذي أظهره الشعب مركزا على أن مصير أوكرانيا لن يكون مرهونا بعد الآن بموسكو او واشنطن أو الدول الأخرى بل بأوكرانيا ذاتها مؤكدا أنه سيعمل بحيث يفتخر كل مواطن بأنه من أوكرانيا وراح يلف كرمز لهذا الانتصار وشاحا برتقالي اللون ( تقول بعض المصادر أنه وصل هدية من أوربا) بطول عشرات الأمتار على عنق مساعديه ومن يقف معه في المنصة مطالبا الجماهير بعدم مغادرة الساحة . أما يانكوفيتش فقد بدا رغم قسوة هذه الأنباء متوازنا هادئا لكنه كان في الواقع -كما يبدو- بالغ الانفعال حتى أنه أكد أنه لن يعمل مع فريق يوشينكو الذي أظهر وجهه الحقيقي في هذه الانتخابات -حسب تعبيره- ومعلنا أنه سيشكل معارضة حاسمة حتى داخل البرلمان . وقد أعلن فريق يانكوفيتش أنه سيتوجه إلى المحكمة للطعن بنزاهة الانتخابات مبينا أن أنصار يوشينكو قاموا بخروقات فظة من بينها رمي أوراق انتخابية بكميات كبيرة في صناديق الاقتراع (مليون ونصف المليون ورقة انتخابية حسب هذه المصادر) والفوضى في القرارات التي أعاقت القسم الأكبر من المسنين والمعوقين من الإدلاء بأصواتهم وقيام العديد من الناخبين في المناطق الغربية بالتصويت عدة مرات في مراكز مختلفة ناهيك عن تعرض بعض ممثلي يانكوفيتش إلى الضرب والطرد من بعض المراكز وفقدان آلاف الأوراق الانتخابية في عدد من المراكز الشرقية وكذلك عدم وجود آلاف الأسماء في اللوائح الانتخابية . مثل هذه الاتهامات جاءت أيضا من المراقبين الروس ومراقبي دول التجمع في حين أبدى المراقبون الغربيون موقفا آخر تماما حيث أثنى معظمهم على الانتخابات واعتبرها ديمقراطية نزيهة وأن بعض الخروقات الطفيفة لا تؤثر على النتائج الحقيقية . وقد اعترفت اللجنة المركزية للانتخابات بوجود بعض الخروقات التي اعتبرتها تقنية في معظمها ومن الواضح أن اللجنة المركزية وكذلك المحكمة العليا بقوامهما الحالي لن تقدما على اتخاذ قرارات تطعن بالانتخابات التي سيتم تكريسها بعد أيام في الإعلانات الرسمية المنتظرة .