اشتكى لي احد الاخوة الشباب – في منتصف الثلاثينات من العمر - من الاحباط الذي يعيشه وانه يسكن بالايجار منذ ان تزوج قبل 9 سنوات ولا يملك ارضا ولا حتى شقة ولديه ثلاثة ابناء، يقول الاسعار عالية والراتب لا يكفي لشراء منزل واحتاج الى 30 سنة لكي اشتري منزلاً متوسط المساحة بثلث راتبي. سألته وماذا تريد؟ أجاب نريد حلولا من الدولة ومن رجال الاعمال انا وغيري كثيرين حيث نعاني من ازمات نفسية بسبب ذلك، كل زملائي الذين اعرفهم لايملكون مساكن خاصة بهم.. ما الحل؟ يقول ما الذي يجب ان اعمله لكي اتملك مسكني والراتب يذهب هنا وهناك ولا يبقى منه شيء؟ وسألته كم راتبك؟ قال 10 الاف ريال!! قلت له لماذا لا تشتري شقة بالتقسيط؟ اجاب بانه لا يريد شقة بل يريد فلة صغيرة! قلت له واين تسكن حاليا؟ قال في شقة ! قلت منذ متى؟ قال منذ تزوجت!! انتهى الحوار. اقول اننا نعاني من مشاكل ازلية – ثقافة النظرة قصيرة المدى - بسبب التربية داخل محيط الاسرة والتعليم في المدارس – ومنها ضعف ثقافة الادخار لدينا، انعدام التخطيط للمستقبل، الفكر الاستثماري معدوم. لابد من تحديد الاولويات وعلى رأسها المسكن ويجب ان يكون الهاجس الاول، كما انه لن يتم الا بالاقتراض لذوي الدخل المحدود والمتوسط، الا لمن ولد وفي فمه ملعقة من ذهب وهم قلة. وفر من راتبك ولا تصرف مافي الجيب كله، فكر باولادك وزوجتك الحاليين واولادك القادمين، خطط لعشر سنوات او عشرين سنة قادمة اذا احيانا الله الى ذلك الحين.. اشتر شقة بالتقسيط تؤيك انت واولادك اولا مادمت تسكن في شقة منذ 9 سنوات، ثم اشتر ارضا ولو في اخر الرياض واتركها لفترة من الزمن. مثالين اسوقهما لك قبل حوالي ربع قرن، الاول جامعة الملك سعود عندما تم افتتاحها عام 1405 ه وانتقلت من شارع الستين بالرياض الى موقعها الحالي وكان الوصول اليها عن طريق الناصرية بطريق مفرد ومظلم واليوم كما نرى الجامعة في وسط المدينة. الثاني نادي الشباب عندما انتقل عام 1407ه الى موقعه الحالي في حي الصحافة وكان الطريق اليه موحشا وغير معبد واليوم اصبح من اغلى الاحياء في الرياض . اليوم بنبان وديراب والجنادرية والمزاحمية تبدو بعيدة ولنتخيلها بعد عشر سنوات ستكون خيارا جيدا للسكن كل حسب امكاناته ورغبته، التخطيط لمسكنك على 10 او 20 سنة هو المطلوب . اشتر اليوم ارضا لك ولاولادك ترى انها في الصحراء واترك عنك الشكوى والنواح والقاء اللائمة على الاخرين، التغيير في طريقة التفكير امر لابد منه وثقافة التخطيط والنظرة المستقبلية هي المطلب .