انتشرت ظاهرة الزواج عبر الانترنت في الأونة الأخيرة بشكل ملفت للنظر، فالشباب والفتيات يجدون في هذا الزواج كسراً لكل التقاليد والقيود، وفرصة جديدة لاختيار شريك حياتهم بأنفسهم من دون أي تدخل من قبل الأهل. وتدل معظم الإحصائيات أن هذه الظاهرة تنامت وأصبحت شائعة بين مختلف أوساط الشباب الذين يبحثون عن التعارف بغرض الزواج ولكن هل يمكن ضمان نتائج هذا النوع من الزواج؟ وهل الإقبال المتزايد لنشر طلبات الزواج في مواقع على شبكة الانترنت يساهم في معالجة العنوسة والعزوبية؟، ثم ما الداعي لأن يلجأ الشباب الى هذه الطريقة في ظل وجود انفتاح وتيسر من قبل أولياء الأمور في النظر الى المخطوبة حسب التوجيهات الشرعية المباحة: لمعرفة المزيد عن هذه الظاهرة قامت «الرياض» بالتحقيق التالي: في البداية يقول الأخ منصور المنصوري ، يمني الجنسية ومقيم في السعودية إنه وقع في صدمة كبيرة عندما اكتشف أن الصورة التي أرسلت إليه عبر «النت» لم تكن كما هي في الحقيقة إذ وجد أن هناك تزويرا وفارقا كبيرا في جوانب عديدة أهمها الشكل واللون والحجم، وهو ما دفعه لإنهاء هذا الزواج بعد أقل من ستة أشهر على زواجه. في المقابل يرى أحمد الشهراني أن التعارف عبر (الانترنت) ليس بالضرورة أن ينتهي بنجاح العلاقة، إذ إن «التعرف من خلال الانترنت تعرف مبدئي مع الطرف الآخر وليس بالضرورة أن يؤدي إلى زواج سريع دون معرفة مسبقة، فمن خلال (الانترنت) يستطيع أن ينال فتاة أحلامه وان يبني معها علاقة للتعرف تمهيداً للزواج لكن لا بد أن تكون هذه العلاقة خارج نطاق (النت)». اختلاف عن المألوف أستاذ علم الاجتماع الاستاذ حسن الشعلان يؤكد ل«لرياض» «الزواج عن طريق الانترنت يختلف مئة بالمائة عن الزواج المتعارف عليه والمعمول به في المجتمع، أي انه في بداية التعارف يكون الشاب افتراضي أو الفتاة افتراضية، ولا يعرفان شيئا بعضهما عن بعض مطلقا، وتبدأ عملية التواصل عبر جهاز الحاسوب وعبر الشبكة وعبر المراسلات وتبدأ عملية الجيل الافتراضي تنتقل إلى جيل حقيقي عن طريق الصور وتبادل المعلومات ويتطور التعارف إلى تبادل اللقاءات». ويرى أن الخطورة من زواج الانترنت تكمن بالتعلق بالانترنت، ويقول: «بعد زواج الانترنت ماذا يضمن للزوجة ان يترك زواجها تعلقه بالانترنت أو أن يبحث عن زوجة أخرى عن طريق الانترنت، بالإضافة إلى ان الجيل الافتراضي الذي عاش معه لفترة من الزمن قبل الزواج ويكون الشخص قد استمتع معه عبر الحديث وتبادل المعلومات والصور والحديث المطول أكثر من الزواج، لأنه فعليا تمت عملية الزواج وانتهت عملية الجلوس خلف الحاسوب لساعات طويلة للبحث عن حبيب. ولا يكون الزواج عن طريق الانترنت بحد ذاته هو الهدف الرئيسي بل يكون هناك أهداف أخرى وغايات أخرى بين الطرفين». شرعية الزواج عبر الانترنت في هذا الشأن يقول المستشار: خالد بن عبد العزيز أبا الخيل، لا شك في أن قرار الزواج قرارٌ مصيري؛ بل هو من أهم القرارات في حياة المسلم والمسلمة؛ ولما كان بهذا الحجم لا بد قبل الإقدام عليه من أخذ الحيطة والحذر، والاستعداد النفسي والبدني؛ ولذا شرع الإسلام له شروطاً وأركانا، ومن أركانه: وجود الولي للزوجة، وهذا في قول عامة أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي». ومن هنا يتبين لنا أن صورة الزواج عبر الإنترنت - إذا كان بهذه الكيفية المذكورة - هي صورة هشَّة، ربما يتعثر من بدايته، إضافة إلى أن فيه محاذير شرعية، منها: محادثة المرأة الرجل الأجنبي عنها، وخضوعها له بالقول، وهذا محرمٌ في الشريعة؛ لأن الله عز وجل نهى أطهر نساء الأمة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عن الخضوع بالقول، فقال سبحانه: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ..). والمحادثة بالكتابة تأخذ حكم القول. وربما يمتد الكلام حتى يطلب الخطيب رؤية من يحادثها، وهذا فيه محاذير كثيرة، منها الخلوة المحرمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها. وهكذا يظل الفتى أو الفتاة يتبع خطوات الشيطان حتى يقع في الشراك، ثم يندم، ولات ساعة مندم. الذي أراه أن الزواج عبر الإنترنت - حتى يكون عقداً شرعياً - لا بد أولاً من وجود الوسيط الأمين الذي عُرِف عنه الديانة والأمانة، وليس مديراً مجهولا لموقع مجهول - كما هو الحال في كثيرٍ من مواقع الإنترنت. ثم بعدها يأخذ الزواج طريقه المعتاد من وجود الولي والإيجاب والقبول، ونحو ذلك من لوازم العقد الشرعي.