أكد د.عبدالعزيز بن علي الغريب أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن مواقع الزواج عبر الإنترنت تجاوزت بعض القيم في المجتمع الإسلامي. وأوضح أن بعض هذه المواقع تحولت إلى استغلال تجاري فأصبحت المتاجرة بالقيم والمشاعر والعواطف أمراً شائعاً في عصرنا. وقال د.الغريب إن مثل هذا الزواج عبر الإنترنت قد يكون كأنه علاقة تجارية أو بيع وشراء سلعة أكثر منه عقداً مقدساً له احترامه المطلوب. وفيما يلي نص الحوار: إلى أي مدى يمكن اعتبار الزواج الإلكتروني زواجاً شرعياً وقانونياً سليماً؟ - فيما يتعلق باعتبار الزواج شرعياً وقانونياً سليماً أعتقد أنه يشك في مثل هذا الأمر ودون التدخل في الاختصاص الشرعي، إلا إذا كان الأمر يتعلق بالمعرفة أولاً ثم تكمل الجوانب الشرعية والقانونية، فإذا نظرنا للزواج عبر الإنترنت أنه وسيلة للتعارف فهذا اعتقد لا يسقط إكمال الجانب الشرعي والقانوني. ما هي الضوابط الاجتماعية والقانونية التي يجب وضعها في الاعتبار في الزواج الإلكتروني؟ - من المخاوف التي يثيرها علماء الاجتماع فيما يتعلق باستخدام التقنية هو تأثيرها على القيم والعادات الأصيلة في المجتمع. ومثال ذلك عادات وقيم الزواج، إلا أن في مثل موضوع الزواج الإلكتروني أعتقد أنه لا يستقيم للزواج ذاته بل يستخدم في اختيار الفتاة للزواج، فهو يقوم بدور الخطابة التقليدية، إلا أنه تجاوز بعض القيم في المجتمع الإسلامي خاصة الحديث بقصد التعارف قبل إتمام قران الزواج أو بث الصورة مباشرة أو غيرها من الأساليب التي تستخدم للجاذبية خاصة عند الإناث. كيف ترون عرض الفتيات والنساء سيرتهن وصورهن في مواقع الزواج؟ - قبل استخدام الإنترنت في الزواج هناك مكاتب كانت تتخصص في التوفيق بين زوجين، كما أفردت بعض المجلات صفحات لعرض السير الذاتية والصور للشباب والفتيات وهي في خارج مجتمعنا، إلا أنه في الإنترنت بدأت مواقع متخصصة في التقريب الزواجي، وحقيقة الأمر هذا نتاج التوسع المكاني بين الناس، وتأثير التحضر في عملية الاختيار الزواجي ذاته خاصة مع انحسار الزواج القرابي. إلا أنه من وجهة نظر شرعية واجتماعية نجد أن عرض الصور لا شك أنه مخالف للشرع بينما في عملية السيرة الذاتية قد تحتاجها فئات من الإناث ممن هن على وشك الدخول في مرحلة العنوسة مثلاً، أو من ترغب في زواج معين يتوافر له سمات تريدها، إلا أننا نحذر من الاستغلال التجاري لمثل هذه الأساليب، وللأسف أصبحت المتاجرة بالقيم والمشاعر والعواطف شائعاً في عصرنا هذا مع توظيف التقنية في هذا المجال. ما هي الآثار السلبية الناجمة عن اعتماد الفتاة على التعارف والزواج من خلال الإنترنت؟ - أهمية الزواج هي من وجهة نظري هي التي تجعلنا نؤكد على ضرورة التعامل مع القرار أو الاختيارالزواجي بمنظار عقلي أكثر منه بالعاطفة لأنه يعني حياة كاملة إلى ما يشاء الله عزَّ وجلّ، لذلك شيوع مثل هذه الأساليب في القرار الزواجي قد يؤثر على استمرارية العلاقة الزوجية ذاتها، فالدراسات العلمية أثبتت أن التعارف قبل الزواج ليس عاملاً مهماً في الاستقرار الزوجي بعكس توافر التوافق في السمات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، لذلك نحن نرى أن مثل هذا التوظيف لهذه التقنية في نظام اجتماعي فيه خطورة في شيوع الزواج الذي عادة ما ينتهي سريعاً. كما أن مثل هذا الزواج قد يكون كأنه علاقة تجارية أو بيع وشراء سلعة أكثر منه عقداً مقدساً له احترامه المطلوب. بصراحة كيف تنظرون إلى المواقع التي تتاجر بمشاعر الباحثين والباحثات عن الزواج عن طريق الإنترنت؟ - كما قلت أصبحت المتاجرة بالنظم الاجتماعية سهلة بالإنترنت مما يتطلب وقفة جادة من الجهات المسؤولة عن مراقبة هذه التقنية في استغلالها للنفوس البشرية، فمثل هذه المواقع قد ينزلق به كثير من الباحثات أو الحالمات بتكوين أسرة إلا أن الجشع والطمع لأصحاب هذه المواقع قد لا يساعدهن في تحقيق ذلك، ومع احترامنا لبعض المواقع التي تحاول أن تضبط الأمور بوجهة نظر شرعية إلا أن الملاحظ أنها تمادت في استغلالها للفتيات خاصة. كما ينطبق الحال على من يستغل الناس في علاج مشكلاتهم أو البحث لهم عن فرص عمل ومع الأسف الشديد نحن مقبلون على تغيرات كبيرة من جراء التوظيف السلبي للتقنية. ماذا تقولون للشباب الذين يتسلون من خلال المشاركات الوهمية في مواقع الزواج على الإنترنت؟ - نوصيهم بالخوف من الله عزَّ وجل الذي يراهم في سرهم وخفاهم، نذكرهم بقصة الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم طالباً منه الموافقة له بالزنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تحبه لأمك أو زوجتك أو ابنتك أو عمتك وعدد له محارمه، حتى تغير الرجل فقال: ادع لي بأن يبعد عني مثل هذه الحاجة. لذلك عليهم أن يدركوا أن مجال الإنترنت مجال غامض، وأن الله يمهل ولا يهمل. هل يدخل بند الزواج الإلكتروني تحت أنواع الزواج مثل زواج المسيار والمتعة والعرفي؟ - لا نستطيع المقارنة لأني أنظر للإنترنت إذا نظرنا أن الإنترنت حل مكان الخاطبة، لكنه إذا تعدى ذلك وأصبح هناك معاشرة زوجية مشتركة دون لقاء فهذا ينتفي منه ركن رئيس للزواج، فأكثر ما ينطبق عليه مفهوم الزنا أكثر من كونه زواجاً، أما إذا كانت القضية تعارفاً عبر الإنترنت ثم تكمل شروط وأركان الزواج فالأمر يختلف. ما هي الرسالة التي يجب توجيهها للأهل للحد من الاندفاع نحو التوجه إلى الزواج الإلكتروني؟ - المتابعة دون رقابة والبناء الذاتي هي ما ندعو إليه لكل الأسر، عليهم ألا يفتخروا أن أبناءهم يستخدمون الإنترنت وللأسف هذا شائع الآن بل على العكس تجد من يشجع أبناءه على استخدام الإنترنت دون إدراك للعواقب خاصة في سن معين، والقضية سهلة هي فقط متابعة غير مباشرة لساعات الاتصال ومواقع الزيارة ومواقع الاشتراك، نحذر الأسر ونشد على أيديهم في الوقت نفسه من خطورة إهمال الأبناء وتركهم يدخلون الإنترنت بعالمه الساحر دون توجيه أو متابعة.