وصف الدكتور عبدالله بن محمد الشرقي استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان المستشار باللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات مشكلة المخدرات بالمعقدة. وقال إن الرسائل التوعوية عن المخدرات يجب أن تكون متوازنة ومنطقية ومتوافقة مع الواقع، مشيراً إلى أن نشر صور المدمنين على الهيروين متوفين في أماكن قذرة وبصورة بشعة ليس له تأثير كبير كوسيلة للوقاية وقد يعطي رسالة خاطئة وسلبية. وأكد د.الشرقي في حوار مع «الرياض» أن التنسيق بين جهات مكافحة المخدرات لم يكن بالمستوى المطلوب مستشهداً بما حدث في المشاركة في فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات. ولم يستبعد العوامل السياسية في قضية تهريب المخدرات وقال «العوامل السياسية لها أحياناً دور كبير وتصبح بعض الدول مستهدفة بهدف الإضرار بها»، كما أعطى العديد من الأفكار والرؤى لانتاج أسلوب توعوي للشباب بعيداً عن الاجتهادات الفردية، وفيما يلي نص الحوار: الوقاية المحدودة ٭ بحسب خبرتكم الطويلة في مجال علاج الإدمان، كيف ترى مستوى التوعية؟ وما هي أبرز السلبيات التي حدثت في أسلوب التوعية عن المخدرات من قبل الجهات المعنية؟ - المتابع للبرامج المقدمة في مجال التعريف والتوعية عن المخدرات يلاحظ زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة فهذه البرامج لها دور كبير في التعريف بالمخدرات وأضرارها وتلعب دوراً كبيراً في تغيير بعض المعتقدات والمفاهيم الخاطئة التي تروج بين الشباب. وهذا النوع من البرامج بالرغم من أهميته إلا أن فوائده الوقائية محدودة، واعتقد أنه حان الوقت لانتهاج أساليب جديدة من قبل الجهات المعنية بالوقاية بحيث يقوم هذا البرنامج بتحديد العوامل والأسباب التي تؤدي إلى استخدام المخدرات في المجتمع السعودي. إذ إن تشخيص الداء هو المهم في الوصول إلى العلاج. النتائج سلبية ٭ تنشر العديد من الجهات التوعوية صوراً لمدمنين على الهيروين متوفين في أماكن قذرة كدورات المياه وبصورة بشعة. هل هذه الطريقة تؤدي إلى نتائج إيجابية أم سلبية برأيكم؟ - الرسائل التوعوية يجب أن تكون متوازنة ومنطقية ومتوافقة مع الواقع ولا أعتقد أن نشر صور المدمنين على الهيروين متوفين في أماكن قذرة وبصورة بشعة له تأثير كبير كوسيلة للوقاية فمعروف جداً أن الوسائل التي تعتمد على التخويف محدودة الفاعلية، ولكن تظل إحدى الوسائل المستخدمة ويجب عدم التركيز عليها والمبالغة في استخدامها، فالمخدرات ليست هيروين فقط ولا يجب أن نركز على خطورة الهيروين ونغفل بقية المواد المخدرة كالحشيش والكبتاجن، وكذلك لا يجب أن نوصل رسالة أن بقية المخدرات تؤدي إلى نفس المصير كالهيروين فهي رسالة غير صحيحة ولن تجد القبول من المتلقين خصوصاً من مدمني المخدرات. التنسيق المفقود ٭ كيف ترى مستوى التنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة المخدرات سواء جهات أمنية أو رسمية أو صحية ومجتمعية؟ - اعتقد ان مستوى التنسيق لم يصل الى الحد المطلوب، والمتابع للانشطة التي أقيمت خلال هذه الأيام للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات يلاحظ ذلك، ولنجاح الجهود في محاربة انتشار المخدرات يجب ان تتحول المسؤولية من مسؤولية قطاع او جهة معينة الى مسؤولية الجميع وبنفس الوقت يجب ان تحدد جهة لتنسيق هذه الجهود وهذا ما نص عليه قرار انشاء اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والتي عليها بذلك المزيد من الجهد لتحقيق هذا الهدف. المستشفيات الاهلية ٭ لماذا لا يكون هناك مستشفيات أهلية لعلاج الإدمان؟ - هناك عدة عوامل حالت دون وجود مستشفيات أهلية لعلاج الإدمان حتى الآن أهمها صعوبة الشروط التي وضعتها وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة الداخلية لافتتاح هذه المراكز، وقلة المتخصصين في هذا المجال، وتخوف المستثمرين من الدخول في هذا المجال بسبب النواحي الامنية المتعلقة بموضوع المخدرات وطبيعة مرض الإدمان ومحدودية العائد الاستثماري على مثل هذه المشاريع مقارنة بالتخصصات الطبية الأخرى وذلك لعدم حاجة مرضى الإدمان لعمل الفحوصات الطبية والتي تمثل عائدا ماليا ضخما على المستشفيات الأهلية وكذلك لعدم شمول علاج الإدمان في برامج التأمين الصحي، واعتقد انه على وزارة الصحة ان تسعى الى تبسيط الشروط المطلوبة لافتتاح مركز أهلية لعلاج الإدمان وتقديم الدعم للمستثمرين في هذا المجال خصوصا في ظل عدم مقدرة مستشفيات الأمل على استيعاب زيادة عدد المراجعين وتحفظ بعض المرضى من مراجعة هذه المستشفيات وزيادة اعداد المسافرين خارج المملكة طلبا للعلاج. إدمان الفتيات ٭ زادت خلال الفترة الماضية الإحصائيات التي تشير الى وقوع العديد من الفتيات في المخدرات؟ برأيكم ما أسباب ذلك؟ - الدلائل تؤكد انه في اغلب الحالات هناك ارتباط بين إدمان المرأة ووجود رجل مدمن قريب من المرأة كالزوج مثلا، وتعتبر هذه الزيادة ظاهرة عالمية ليست مقصورة على مجتمعنا بل ظهرت في كثير من المجتمعات بعد ان ظل إدمان المخدرات والكحول قاصر على الرجال فقط وهناك عوامل أخرى قد تفسر هذه الزيادة كتغير دور المرأة وتأثير وسائل الإعلام والخلل في أساليب التربية وغياب الرقابة الأسرية. المخدرات والأمراض النفسية ٭ هل هناك علاقة وثيقة بين المخدرات والأمراض النفسية؟ - هناك ارتباط وثيق بين استخدام المخدرات والاصابة بالأمراض النفسية، كما ان المصابين بالأمراض النفسية أكثر عرضة لاستخدام المخدرات، وتدل الدراسات ان اكثر من نصف مدمني المخدرات يصابون بأعراض وأمراض نفسية يأتي في مقدمتها الاصابة بالاكتئاب وعدم الاستمتاع بالحياة وزيادة احتمالية الإقدام على الانتحار او الميل الى العدوانية وارتكاب للجرائم والاصابة بالقلق والتوتر ونوبات الخوف الشديد واضطرابات النوم والذاكرة ومن اخطر الأمراض النفسية الناتجة عن استخدام المخدرات والتي انتشرت في الفترة الاخيرة الاصابة بما يسمى بالأعراض الذهانية والتي يفقد بها الشخص صلته بالواقع فتختل لديه الحواس ويبدأ بسماع اصوات لا وجود لها ويصبح لديه افكار واعتقادات خاطئة يكون مقتنع بها قناعة تامة ويتصرف على اساس هذه المعتقدات. ٭ كيف تصف مستوى مشكلة المخدرات؟ وهل وصلت الى حد الكارثة بين الشباب؟ - اعتقد ان لدينا مشكلة بغض النظر عن نسبة انتشار المخدرات بين الشباب، وهناك عدة مؤشرات تدل على خطورة المشكلة فاستخدام عدد من المراهقين والشباب للمخدرات بسن مبكر مقارنة بما يحدث قبل عدة سنوات يعتبر مؤشراً خطيراً يجب الانتباه له بسبب ان البدايات المبكرة بشكل عام تعكس حجم المشكلة بالاضافة الى ان تبعياتها على مستخدميها كبيرة جدا، ومن المؤشرات الأخرى التي تدل على خطورة المشكلة وزيادة انتشار الأمراض النفسية والجسدية المرتبطة بالمخدرات وكذلك انتشار العنف وارتكاب الجرائم. ضبط التهريب ٭ رغم كل ما تقوم به الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من ضبط لكميات كبيرة؟ إلا ان المخدرات تتوفر بسهولة للمدمنين والإدمان في ازدياد. ما سبب ذلك؟ - هناك قاعدة عامة تقول ان ما يتم القبض عليه يمثل نسبة تعادل تقريبا عشر ما يتم تهريبه، وفي موضوع المخدرات عندما يكون هناك طلب عليها سيتوفر العرض مهما كانت الظروف لذلك يجب ان يكون الجميع مشتركا في مسؤولية مكافحة المخدرات وان نقدر جهود الادارة العامة لمكافحة المخدرات في ضبط كميات كبيرة من المخدرات خصوصا خلال الفترة الماضية، وقد سعدت قبل ايام عندما ذكر احد المراجعين ان حصوله على الحشيش اصبح أكثر صعوبة من السابق، لذا يجب ان تستمر هذه الجهود المباركة ويجب التعاون في محاربة المخدرات فهي مشكلة معقدة لا تستطيع جهة واحدة مواجهتها فلمروجو المخدرات وسائل متعددة للتحايل بهدف تهريب المخدرات وترويجها فهي تمثل لهم تجارة رابحة ومردود مادي كبير كما تلعب العوامل السياسية احيانا دورا كبيرا وتصبح بعض الدول مستهدفة بهدف الإضرار بها. القضاء على المخدرات ٭ هل هناك أنواع جديدة من المخدرات؟ - من المتعارف عليه في كل المجتمعات تغير أنماط التعاطي وطرقه وتغير المواد المخدرة المنتشرة بين المتعاطين وظهور مواد جديدة بين فترة وأخرى، والملاحظ خلال السنوات الماضية هو نقص في انتشار مادة الهيروين وزيادة انتشار الحشيش والكبتاجون، ومن المواد التي بدأت في الانتشار في الآونة الأخيرة مادة الكوكايين ومادة الاكس تي سي، كما يلاحظ كذلك زيادة استخدام أدوية البنزودايازبين المهدئة لدى مستخدمي المخدرات الأخرى.