عدد من الأطباء غير السعوديين فى بلادنا لو لم يجد لدى المريض علة لاخترع علة من عنده ، بعد أن يُشبعه كلاما طويلا . هذا الكلام ينهش حاسة المراجع كى يعود ، وربما – ولا أجزم - أن هذا سبب من أسباب هذا التضليل التشخيصى . لاحظوا شيئا آخر . فإذا كان ذاك الطبيب العربى يقيم فى الغرب ، بريطانيا أو ألمانيا أو كندا ، فهو من أجود أهل المهنة وملتزم باخلاقها وتعليماتها وخطوطها الحمراء . أقصد فيما يتعلق بالمرض والمريض من شرح ووصفات وجدول مراجعات . والسبب أن الغالبية من الأطباء العرب الذين اختاروا الأغتراب وآثروا إسداء خدماتهم لمجتمع مختلف ، يلتزمون بكامل شفرة التعليمات المهنية في البلد التى يعمل فيها . وإذا عمل الطبيب العربى عندنا في هذه المنطقة فهو يرى فى نفسه هبة من الله بأن رضي بالعمل هنا . أحد معارفي قرر خلال إحدى سفرات العمل فى أوربا أن يُجري فحصا . وحصل على موعد . لكنه شعر بشيء من الإحباط عندما علم أن الطبيب الذى سيُباشره فى المعاينة الأولية عربى ، ويقيم فى البلد الأوربي، ويحمل جنسيتها . لكنه علم من احد معارفه هناك أن ذاك الطبيب ذو سمعة جيدة ومشهود له في براعته ، خصوصا في العلل التي يُعاني منها القادمون من الشرق . قابل الطبيب وخرج بانطباع حسن ، ومما لاحظه أن الطبيب قليل الكلام ، كثير الإستماع . سبب قلق صاحبي أنه ، هنا ، أراد ذات يوم أن يختصر الانتظار الطويل في المستشفى فحمل شكواه إلى مستوصف قريب من منزله في الرياض . وعندما اضطجع على السرير وضع الطبيب يده اليمنى على الجزء الأيمن من أسفل بطنه وأمره أن ينهض ويستقيم ولكن بسرعه .. ! . وبالرغم من صعوبة ذلك فعل الرجل ما طُلب منه ، وطلب منه الطبيب أن يكرر هذا العمل ثلاث مرات .. ! ، حتى شعر صاحبي وكأنه يقوم بحركات أكروباتية أو بهلوانية ، أو تمرين رياضي عنيف . وقال له الطبيب بعد ذلك إن لديه " كسل " في الكبد ، واعطاه وصفة طبية ونصحه بأخذ الوصفة قبل أن يتحول الداء إلى " تليّف ".. !! . اتصل صاحبنا بطبيب سعودي، وتعجّب الأخير كيف يجرى التشخيص ووصف هذا النوع من الأدوية دون إجراء تحليل وظائف الكبد . ونصحه بأن يتجاهل الوصفة ويأتي إليه صائما صباح أحد الأيام . فأجرى الطبيب السعودي التحليل ووجد الكبد سليمة ولا تحتاج إلى دواء . أختم بالقول إنني لا أعني بهذا أن كل طبيب عربي يعمل فى بلادنا هو بهذه الشاكلة ، لكن بعضهم – دعونا نقول – في عجلة من أمرهم ، أو أنه تهاون بفهم المراجع السعودى .