تم يوم الجمعة 20 فبراير من عامنا الحالي 2009م تكليف بنيامين نتنياهو رئيس حزب تجمع الليكود اليميني المتطرف تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ودعا على الفور إلى تشكيل ائتلاف وزاري يستند إلى وحدة وطنية عريضة، وفتح الباب على مصراعيه لشركاء من اليسار المتطرف والوسط المراوغ من المتوقع أن ينشئ هذا الائتلاف الوزاري في إسرائيل، حكومة توافقية تكون بمنأى عن ضغوط الأحزاب الهامشية التي شلّت الادارات الإسرائيلية السابقة، ولكن لا يوجد على أرض الواقع ما يؤكد بأن خصومه سيقبلون بهذا المسلك اليميني المتطرف في تشكيل الائتلاف الوزاري مما يدفع بنيامين نتنياهو إلى التحالف مع أحزاب أقصى اليمين المتطرف، والأحزاب الدينية المتعصبة وهو توجه يتفق مع ميوله الرامية إلى عدم إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لا نقول ذلك اجتهاداً وإنما استناداً إلى معرفتنا برئيس الوزارة القادم بنيامين نتنياهو الذي كان رئيساً للوزارة الإسرائيلية في حقبة التسعينات من القرن الماضي «القرن العشرين» وكان في الماضي وسيظل في المستقبل ىؤيد حلاً يقوم على أساس دولتين على أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح ولديها فقط قوة محدودة تختص بأعمال الشرطة مما يجعله يعمل خلال الأسابيع الستة القادمة في اتجاه تشكيل حكومة تمكنه من تنفيذ التوجهات اليمينية المتطرفة الرامية إلى القضاء المبرم على السلام بين إسرائيل وفلسطين، الذي يصاحبه العمل على ابتلاع الأراضي المحتلة لإقامة إسرائيل الكبرى عليها. أعلنت سوزان رايس سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى الأممالمتحدة بعد تكليف رئيس حزب تجمع الليكود اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستواصل دورها في الحث على التوصل إلى حل قائم على دولتين في الصراع الدائر بين إسرائيل وبين الفلسطينيين وقالت سوزان رايس «سيكون علينا أن نرى كيف تتطور الأمور في إسرائيل إذا أصبح بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء، وستكون وجهة نظرنا أن هذا مازال عنصراً مهماً جداً في منهجنا وسياستنا».. ولكنها أضافت: «على كل من الطرفين أن يكون راغباً في العمل في هذا الاتجاه». الموقف الجديد الذي سيفرضه وجود أكثر الإسرائيليين تطرفاً بنيامين نتنياهو على قضية السلام مع الفلسطينيين من موقعه في رئاسة الوزارة الإسرائيلية يتطلب موقفاً أكثر صلابة من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لدعم عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية ولا ننسى أن الموقف الأمريكي يتأثر كثيراً بدور الدهلزة الصهيونية إلى توجه القرار السياسي في واشنطن نحو المصالح الإسرائيلية في اقليم الشرق الأوسط وتتجاهل المصالح الفلسطينية ولا نبالغ لو قلنا المصالح العربية بدليل أن المبادرة العربية المطالبة بالأرض المحتلة مقابل السلام ظلت عالقة بسبب مماطلة إسرائيل التي تخالف أحكام القانون الدولي العام بقيامها المتعمد للاستعمار الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في عام 1967م ورفضها الكامل لإنهاء النشاط الاستيطاني الإسرائيلي فوق أرض الغير الفلسطينيين على الرغم من النداء العالمي الذي يطالب بوقف هذا النشاط الاستيطاني، وعلى الرغم من أحكام القانون الدولي العام الذي يحرم الاستعمار الاستيطاني، الأمر يحتاج إلى موقف دولي صارم يطالب بمعاقبة إسرائيل، ولكن يحول دون ذلك الدهلزة الصهيونية المؤثرة على القرار السياسي في الدول الغربية إلى الدرجة التي جعلت واشنطن تستخدم حق الاعتراض «الفيتو» على كل قرار يدرس في مجلس الأمن ويدعو إلى معاقبة إسرائيل، وهو مسلك لا حضاري تمارسه واشنطن ويفقد الثقة بها عند كل العرب لأن عدم معاقبة إسرائيل على جرائمها يحمل في طياته التأييد لعدوانها على الفلسطينيين والعرب في إقليم الشرق الأوسط. لاشك عندنا بأن التغييرات الاقليمية والدولية أصيبت بالكثير من التعقيدات المؤثرة على القضية الفلسطينية، وجاء ذلك بسبب نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي جاءت باليمين المتطرف إلى قمة السلطة في تل أبيب وجسد ذلك بنيامين نتنياهو برئاسته للوزارة الائتلافية القادمة المشكلة من كل ألوان التطرف والتعصب القائم في إسرائيل مما يجعلنا نؤكد بأن بنيامين نتنياهو وحكومته غير راغب في التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية، رافضا تماماً الوصول إلى السلام مع جيرانه العرب على أساس مبادرتهم لأنه يرفض رفضاً باتاً إعادة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ومرتفعات الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية لرغبته في فرض الاستعمار الاستيطاني الذي يجسده التوسع في بناء المستوطنات اليهودية فوق الأراضي العربية المحتلةالفلسطينية وغيرها من الأراضي الخاضعة للاستعمار الإسرائيلي. لا تقف جريمة إسرائيل عند حدود رفضها للإرادة الدولية ومخالفتها العلنية والمتكررة لكل قرارات الأممالمتحدة، وإنما تتعدى ذلك بجريمة العدوان المسلح على الفلسطينيين، وكان آخر صور هذا العدوان ضرب قطاع غزة بصورة وحشية حيث رمت القوات الإسرائيلية مليون ونصف المليون كيلوجرام من المتفجرات على قطاع غزة، فلو عرفنا بأن سكانه يصل عددهم إلى مليون ونصف إنسان، فإن هذه الجريمة تعني بأن إسرائيل رمت كيلوجرام واحد من المتفجرات على كل مواطن من سكان قطاع غزة، وقد أدى ذلك إلى مأساة كبرى على كل سكان قطاع غزة الذين أخذوا يبحثون عن الطعام والمأوى بعد أن دمرت المتفجرات التي رميت عليهم مزارعهم ومصانعهم ومتاجرهم وبيوتهم بجانب من استشهد منهم، وتقدر خسارة الدمار بمبلغ ألفي مليون دولار أمريكي.. أرجو أن تقوم الأسرة الدولية بمعاقبة إسرائيل على هذه الجريمة.