بأعصاب مشدودة، احتشد منذ ساعات الصباح العشرات من المواطنين وممثلي الفعاليات الرسمية والشعبية عند الحاجز الاسرائيلي - المعبر - المقام على مدخل بلدة بيتونيا غرب رام الله بانتظار ستة عشر من المعتقلين المبعدين الى قطاع غزة، وسط مخاوف كبيرة من ان تتراجع «إسرائيل» عن قرار اعادتهم الى بيوتهم في الضفة. وراح كل من تواجد على الحاجز يتابع عبر الاجهزة الخلوية اولا بأول اخبار عودة المبعدين من لحظة انطلاقهم من قطاع غزة حيث امضوا نحو خمسة عشر شهرا ، فيما احتشد المواطنون في منازل ذوي العائدين لمشاركتهم فرحتهم التي كانوا يخشون ان لا تأتي. وكانت «إسرائيل» اعطت موافقتها المبدئية على عودة كافة المبعدين الى قطاع غزة والى اوروبا في اعقاب قمة شرم الشيخ، وذلك في اطار ما اسمته «بوادر حسن النية» تجاه الفلسطينيين في اعقاب انتخاب محمود عباس رئيسا جديدا للسلطة الفلسطينية، غير انه وكعادتها لجأت الى التسويف والمماطلة في تنفيذ هذا القرار. وقامت بتصنيفهم وفق معاييرها حيث اعتبرت ان جزءا منهم «اياديهم ملطخة بالدماء». غير ان عبدالفتاح حمايل عضو المجلس التشريعي الفلسطيني رئيس لجنة المفاوضات المشتركة في ملف المبعدين والمطلوبين، قال ل «الرياض» هناك موافقة مبدئية على عودة كافة المبعدين الى قطاع غزة والخارج. ولكن هناك اليات مختلفة لعودة كل فئة منهم، وهو ما سنواصل بحثه مع الجانب الاسرائيلي. وقال ان الدفعة الاولى من المبعدين وعددهم 16 - جميعهم معتقلون ابعدوا بشكل تعسفي وليس بينهم اي من مبعدي كنيسة المهد - سوف تعود خلال ساعات من القطاع، فيما سيعود عشرة مبعدين آخرين في اقرب وقت. يشار الى ان هناك 26 فلسطينيا ابعدوا من كنيسة المهد الى قطاع غزة، و13 اخرون ابعدوا من الكنيسة الى اوروبا، وهم جميعا مشمولون في قرار العودة حسب حمايل. يذكر ان مجموعة كبيرة من الشبان لجأوا الى كنيسة المهد في حملة السور الواقي في نيسان 2002 وتحصنوا فيها 40 يوما، وقد انتهت الازمة بابعاد 39 ممن بداخلها الى قطاع غزة واوروبا، فيما عاد البقية الى بيوتهم. الى ذلك، عمت اجواء من الفرح الغامر والحذر في ذات الوقت بيوت عائلات المبعدين بانتظار عودتهم التي تاخرت نحو عام ونصف شهر. يذكر ان جميع المبعدين هم من المعتقلين الاداريين من مختلف الفصائل خاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي الذين انتهت فترات اعتقالهم، لكن سلطات الاحتلال وبدل الافراج عنهم قامت بابعادهم تعسفيا الى القطاع بعد احتجازهم في مركز توقيف حاجز «ايرز» لبضعة شهور بانتظار ان تبت المحكمة العليا الاسرائيلية في التماساتهم ضد الابعاد. ومن بين المبعدين العائدين أمس الشاب رامي فواز حجيجة (25 عاما) من قرية قراوة بني زيد شمال غربي رام الله الذي امضى قيد الاعتقال الاداري نحو عامين، ليبعد عقبها الى القطاع في كانون الاول 2003، ضمن 17 معتقلا اخرين. وقد عاد احدهم وهو سامر ابو زينة الى بيته قبل ثلاثة شهور. وكغيره من المبعدين راحت عائلة الشاب حجيجة تنتظر عودته بفارغ الصبر، جزء منها على حاجز بيتونيا والبقية في البيت، حيث ظل على تواصل دائم معها، بعدما حزم حقائبه للعودة قبل يومين. وقد بدأت رحلة المبعدين وعائلاتهم- بعضهم التحقت به اسرته والبعض تزوج في القطاع- من غزة حيث طلب منهم التجمع في ساحة عامة، حيث ودعهم وعائلاتهم العقيد محمد دحلان وزير الامن السابق، على راس وفد رسمي من السلطة الفلسطينية، قبل ان ينطلقوا عند 152 بعد الظهر، في موكب باتجاه حاجز «ايرز» ومن هناك باتجاه بيتونيا ومنها الى اماكن سكناهم في مختلف مناطق الضفة الغربية. وقد تاخرت عودتهم التي كانت مقررة في ساعات الصباح. وقال شقيقه فراس حجيجة ل «الرياض» ان اسرته عاشت منذ ايام حالة من القلق والتوتر وشد الاعصاب، في ظل الانباء المتوالية والمتضاربة في بعض الاحيان والتي تخرج عن وسائل الاعلام بشان عودة شقيقه ورفاقه من القطاع. واضاف: هناك عدد من المبعدين من عقد قرانه هناك، اما رامي فلم يفعلها بانتظار عودته التي كان متاكدا منها، واعتقد ان عودته هي العرس الكبير بالنسبة لنا.