أبدى معالي المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة تخوفه من أن يصبح الطبيب السعودي سلعة بين المستثمرين في القطاع الخاص دون ضوابط منظمة لذلك مما قد يضر بسمعته ومهنته غير أنه وصف انتقال الأطباء المتميزين بين القطاعات الصحية العامة والخاصة بأنها ظاهرة صحية إذا ما تم وفق تنسيق مسبق. وأكد في حوار مع «الرياض» أن تعدد القطاعات الصحية في المملكة دون ترابط له جوانب سلبية تضعف الخبرة وبرامج التدريب وهدر الأموال وازدواجية في العمل خاصة في إقامة المراكز الطبية للتخصصات النادرة معبراً عن أمله بأن تتوحد الجهود بعيداً عن النظرة الضيقة وبهدف المصلحة العامة. وشدد على أن الخدمات الصحية لا تقبل الارتجال والعشوائية في أي حال من الأحوال وأبرز أهمية ايجاد استراتيجية وطنية مبنية على دراسات دقيقة للقوى العاملة وخطة مستقبلية لسد الشواغر والتركيز على برامج التدريب والتوسع في برامج التخصيص مع وجود نظام للضمان الصحي واحتفاظ الدولة ببرامج الرعاية الصحية الأولية الوقائية في ظل تزايد العدد السكاني الأعلى نسبة في العالم. وكشف الدكتور الربيعة عن بدء صحة الحرس الوطني بخطة استراتيجية للعشرين سنة المقبلة تشمل جوانب القوى العاملة وتوطين الوظائف ودراسة معدلات النمو ومواكبة التقنية الحديثة وبرامج خفض التكلفة. واعترف بقلة رواتب وبدلات الأطباء التي لا تتناسب مع حجم ونوع العمل خاصة ممن يحملون تخصصات نادرة مطالباً بإعادة دراسة سلم الرواتب بحيث تبنى على أساس سعر السوق ومستوى المستشفى وحجم المسؤولية أو التوجه لما هو مطبق في الدول الغربية في تخصيص القطاع الصحي مع وجود ضمان صحي للمواطن ويكون دخل الطبيب مربوطاً بعدد المرضى ونوع العمل. ورفض اتهام فتح العيادات المسائية في صحة الحرس الوطني الهدف منه منافسة للقطاع الخاص مشيراً إلى أنها نبعت من أهداف استراتيجية أخذت بالاعتبار العدالة لجميع الأطراف من أهمها المريض وتوفير الفرصة للمرضى المقيمين للاستفادة من الإمكانيات الموجودة وفتح المجال للأطباء السعوديين للعمل ضمن إطار المؤسسة. وإلى نص الحوار: ٭ نلاحظ توسعاً في إقامة المراكز الطبية المتخصصة داخل مستشفيات الحرس الوطني في حين نرى نوعاً من الاستقرار حول التوسع في مراكز الرعاية الصحية الأولية؟ - لا شك أن هناك توسعاً في المراكز الصحية التخصصية تلبية للحاجة الملحة وهذا التوسع مبني على إحصاءات دقيقة ومدروسة، أما بالنسبة لمراكز الرعاية الصحية الأولية فإنني ربما أوافقكم وأختلف معكم على حد سواء، حيث إن الشؤون الصحية بالحرس الوطني تمتلك أحدث شبكة مراكز رعاية صحية أولية على مستوى المملكة وخير دليل على ذلك أنها المراكز المعتمدة للتدريب في هذا التخصص وتم إنشاء وتحديث بعض المراكز المتطورة مثل العيادات التخصصية الشاملة بأم الحمام وكذلك العيادات الأولية المتخصصة بخشم العان وغيرها، ولكنني أتفق معكم أخ محمد أن التوسع لم يواكب الحاجة الكبيرة، وهناك خطة مطروحة ضمن مشاريع الشؤون الصحية الاستراتيجية لتوسعة وتطوير هذه المراكز ضمن خطة صحية متكاملة بالشؤون الصحية بالحرس الوطني. ٭ تشهد الخدمات الصحية في الحرس الوطني ضغطاً شديداً في أعداد المرضى والمراجعين.. هل لمستم ذلك؟ وما هي الأسباب حوله؟ وخططكم في مجابهة الازدحام؟ - إن الضغط الكبير في أعداد المرضى الذي تشهده مدن ومستشفيات ومراكز الشؤون الصحية بالحرس الوطني هو دليل على ثقة المرضى بهذا القطاع الصحي الهام ويعكس مدى النمو السكاني الكبير في هذا الوطن، حيث يصل إلى معدلات كبيرة لابد من دراستها بدقة ووضع الحلول العلمية المناسبة، أما بالنسبة للشؤون الصحية فهناك خطط استراتيجية لزيادة الطاقة الاستيعابية، وكلي أمل أن تجد هذه الخطط الدعم المالي المناسب لتحقيقها، كما أن هناك خططاً تنظيمية للاستفادة القصوى من القوى العاملة والعيادات والأسرة وذلك بالتوسع في برامج اليوم الواحد وكذلك الرعاية الصحية المنزلية وتفعيل برنامج طب الأسرة وغير ذلك. ٭ يشتكي ملاك القطاع الصحي الطبي في جميع تخصصاته الطبية من منافسة خدماتكم عبر ما يسمى «بالعيادات المسائية» وأنكم تتميزون بقلة التكاليف وانخفاضها وبالتالي تقديم خدمات تنافسية لا يستطيع القطاع الخاص النزول إليها.. ما هو رأي سعادتكم ؟ - إن فكرة العيادات المسائية الخاصة نبعت من أهداف استراتيجية منها إتاحة الفرصة للمرضى غير السعوديين أو من الراغبين الاستفادة من الكوادر الطبية والتقنية بالمراكز الصحية الحكومية دون منافسة المستفيدين من الخدمة المجانية، وكذلك فتح الفرص للكوادر الطبية السعودية للعمل الخاص ضمن إطار المؤسسة، إضافة إلى ايجاد موارد مالية للمؤسسات الصحية، ولم يكن الهدف منافسة القطاع الطبي الخاص، حيث أن كلاً من القطاعين مكمل للآخر ونسعى جميعاً لخدمة هذا الوطن الحبيب، أما بالنسبة للأسعار وقلة الكلفة فإن تلك الأسعار سبق ان أخضعت للدراسة من قبل لجان مختصة وتعتبر عادلة جداً لجميع الأطراف ذات العلاقة أهمها بطبيعة الحال المريض. ٭ ما مدى اهتمام صحة الحرس الوطني في ابتعاث وتدريب الكوادر الوطنية في مختلف تخصصاتهم.. وما هي خططكم حول ذلك؟ وهل هناك ميزانية لنظام الابتعاث والتدريب ترصد سنوياً؟ - تعتبر الشؤون الصحية بالحرس الوطني من القطاعات الصحية التي أولت برامج الابتعاث والتدريب أهمية كبيرة، حيث ان عدد المبتعثين يبلغ ما يقارب 120 وهناك خطط ابتعاث مبنية على دراسات دقيقة لتوطين القوى العاملة وتمر عبر لجان علمية لاختيار الكوادر والتخصصات المناسبة أما بالنسبة لميزانية الابتعاث فهي ضمن ميزانية الحرس الوطني وتحظى الشؤون الصحية بالحرس الوطني بدعم كبير من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية فهو من الداعمين لبرامج التدريب والابتعاث. ٭ سمعنا عن استراتيجية يسعى لها معاليكم حول مستقبل الخدمات الصحية في قطاع الحرس الوطني تصل لسنوات عديدة.. ما مدى صحة هذا التوجه؟ - إن الشؤون الصحية بالحرس الوطني وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، بدأت بوضع خطة استراتيجية طويلة المدى مبنية على دراسة معدلات النمو، وسوف تضع هذه الاستراتيجية خطة لكافة مرافق الشؤون الصحية على مدى عشرين سنة قادمة إن شاء الله. وتشمل هذه الخطة جوانب القوى العاملة وخطط توطين الوظائف بكافة تخصصاتها وكذلك التوسع في مجال الخدمات مبنياً على إحصاءات دقيقة وكذلك نمو التقنية الحديثة وبرامج خفض التكلفة وغير ذلك من الجوانب الهامة. ٭ قطاعاتنا الصحية المختلفة وهي من الأمن العام والحرس الوطني والقوات المسلحة إضافة إلى وزارة الصحة هي أشبه بوزارات صحية مستقلة ومتباعدة.. السؤال متى نرى خدماتنا الصحية تحت مظلة واحدة لوقف الهدر بجميع أنواعه في تلك القطاعات؟ - لا شك إن وجود قطاعات صحية متعددة وغير مترابطة له جوانب سلبية ربما تؤدي إلى الازدواجية وهدر الموارد وقلة الخبرة واضعاف برامج التدريب ونحو ذلك، وإنني من المؤمنين بأهمية توحيد الجهود بين القطاعات الصحية المختلفة وقد يكون مجلس الخدمات الصحية الأعلى هو الإدارة العليا التي تقوم بوضع هذه الأهداف العليا محل التنفيذ إذا ما أعطى المجلس الصلاحية الإدارية والتنفيذية اللازمة. ٭ ينتظر المواطنون تشكيل المجلس الأعلى للصحة خاصة وأنه أعلن منذ سنتين تقريباً.. هل من جديد حوله وأنتم أحد أعضائه؟ وهل هناك تحركات صحية بينكم وبين القطاعات الأخرى في هذا الأمر؟ - نعم لقد تم تشكيل مجلس الخدمات الصحية الأعلى برئاسة معالي الأخ الدكتور حمد المانع وزير الصحة وعضوية مدراء القطاعات الصحية المختلفة وتم عقد أول اجتماع وإن شاء الله يحقق المجلس التطلعات المنوطة به إذا دعم بالصلاحيات اللازمة. ٭ انتشرت المراكز الطبية المتخصصة (المستقلة) في المنشآت الحكومية كمراكز القلب وزراعة الأعضاء وعلاج أمراض السرطان مع العلم أنها لا تبعد عن بعضها سوى كيلو مترات وكيف ترى هذه الظاهرة؟ وهل هناك نية في المستقبل البعيد ان تتوحد هذه المراكز الهامة؟ - إن انتشار المراكز الطبية المتخصصة ضمن إطار المستشفيات تعتبر ظاهرة صحية ولكن ازدواجية هذه المراكز خصوصاً في بعض التخصصات النادرة يؤدي إلى اهدار الموارد والكوادر ويعيق برامج التدريب لعدم الوصول إلى الحد المطلوب من المرضى في كل مركز، ونأمل ان تتضافر الجهود لتوحيد بعض هذه المراكز الهامة بعيداً عن النظرة الضيقة وبهدف المصلحة العامة. ٭ «الشراء الموحد» توحيد للجهود بين القطاعات الصحية المختلفة ووقف للهدر المالي الكبير وتوفير للمبالغ الضخمة جداً.. ماذا تم فيه؟ - يعتبر الشراء الموحد أحد مظاهر توحيد الجهود حيث يؤدي إلى فوائد عديدة منها توحيد المعايير والمواصفات، وتوفير المبالغ الكبيرة وإنشاء مصادر للأمن الدوائي وبرامج التدريب وخفض كلفة التخزين وغير ذلك، وأعتقد ان الحرص على المصلحة الوطنية موجود لدى كافة القطاعات الصحية والموضوع مطروح الآن أمام مجلس الخدمات الصحية الأعلى. ٭ نرى رغبة عدد من طلاب الطب بعد التخرج الانضمام لزملائهم في خدمات الحرس الصحية.. بماذا تفسر ذلك؟ - إن وجود برامج التدريب لكافة التخصصات الطبية وبمستوى عالمي جعل رغبة الأطباء حديثي التخرج ملحة للانضمام إلى برامج الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ويسعدنا ان نقدم هذه البرامج لتطوير كوادر هذا الوطن المعطاء. ٭ النمو السكاني في المملكة وصفه البعض بأنه مخيف.. كيف ترى الانعكاسات السلبية على هذه الزيادة بالنسبة لتقديم خدمات طبية ووقائية متميزة؟ - إن النمو السكاني في المملكة يعتبر كبيراً ونسبه من أعلاها في العالم، ولا شك ان هذا النمو إذا ما استمر بنفس النسبة قد يرفع المعدل السكاني بنسبة أعلى، تضطر إلى نمو الخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، المياه، الكهرباء، إلخ، وقد يكون تمويل هذه الخدمات لا يتناسب مع عدد السكان، لكنني على ثقة ان الدولة في خططها المستقبلية حسبت ألف حساب لهذا النمو وستضع الحلول المناسبة. ٭ الاستثمار في القطاع الصحي يشهد طفرة هذه الفترة.. ما مدى نجاح هذا التوجه بالنسبة للقطاع الحكومي عبر فتح «العيادات المسائية» بمعنى هل هناك استثمارات ناجحة تقود لزيادة دخل القطاعات الصحية في ظل الميزانيات المحدودة التي تقدمها الدولة؟ - من الصعب تمويل القطاع الصحي العام بنفس معدل النمو السكاني، وهذا يستوجب البحث عن بدائل وحلول علمية مناسبة حيث نمر بتجارب مرت على دول أخرى، وقد يكون أحد البدائل هو الاستثمار الصحي عن طريق التوسع في برامج التخصيص في القطاع الصحي مع وجود نظام للضمان الصحي يضمن للمواطن الخدمات الصحية الأساسية مع احتفاظ الدولة ببرامج الرعاية الصحية الأولية الوقائية. ٭ يعاني المرضى من ردود بعض المستشفيات بمقولة «لا يوجد سرير» عند البحث عن تخصصات فرعية نادرة وتتعلق بحياة وموت المريض.. متى ننسى هذه الجملة؟ - مقولة «لا يوجد سرير» تقلق المسؤول عن الخدمات الصحية مثلما يعاني منها المريض وذووه ولا شك ان هذا مرتبط بالسؤالين الماضيين حيث ان كلفة إنشاء وتشغيل وحدات العناية المركزة وكذلك المراكز التخصصية النادرة مكلف جداً وهذا بدوره يتطلب تمويلاً مالياً كبيراً، ونأمل إن شاء الله ان نجد الدعم المالي المناسب لسد الحاجة الكبيرة للتوسع في الخدمات الصحية على أساس توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس ا لحرس الوطني بدعم الخدمات الأساسية التي تمس المواطنين ومن أهمها الخدمات الصحية، وسوف تسعى الشؤون الصحية بالحرس الوطني للإسهام في تخفيف العبء في تلك التخصصات بصفة خاصة بكل ما يمكنها وبكل طاقتها. ٭ نفتقد لوجود استراتيجية وطنية حول مدى الاكتفاء والحاجة في تخصصات طبية مختلفة ونادرة.. ونلاحظ عشوائية في توجيه طلاب كلية الطب نحو ما نحتاجه من تخصصات؟ - الخدمات الصحية على المستوى الوطني لا يمكن ان تترك للعشوائية والارتجال لأن ذلك سوف يؤدي إلى إهدار كبير للموارد البشرية والمالية، وإن من المهم إيجاد إستراتيجية وطنية مبنية على دراسات دقيقة وإحصاءات مدروسة خصوصاً للقوى الصحية العاملة، ثم رسم خطة مستقبلية لسد الشواغر تقوم على تلك الدراسات وتركيز برامج التدريب لتلبي حاجة هذه الخطة. ٭ يتذمر أطباء وزارة الصحة من قلة الحوافز في الرواتب في حين يحظى زملاؤهم في القطاعات الصحية المختلفة بمميزات تفوقهم كثيراً خاصة أصحاب التخصصات النادرة.. كيف يرى معاليكم أجور الأطباء بشكل عام وبماذا تقترحون لوقف الظلم الذي طبقه هؤلاء الاطباء على انفسهم؟ - د. الربيعة: الكل يعلم ان معدل رواتب وبدلات الاطباء لايتناسب مع نوع وحجم العمل المناط بهم وساعات العمل، وكذلك متطلبات الدراسة والتخصص وقد تزداد المشكلة في بعض التخصصات النادرة وكذلك بعض المستشفيات الحكومية، وقد يكون الحل الأمثل هو إعادة دراسة سلم الرواتب بحيث يبنى على قواعد واضحة منها سعر السوق ونوع التخصص ومستوى المستشفى من حيث الدرجة وحجم المسؤولية وغيرها، أو البديل الآخر المطبق في الدول الغربية تخصيص القطاع الصحي مع وجود ضمان صحي للمواطن ويكون دخل الطبيب مربوطاً بعدد المرضى ونوع العمل. ٭ القطاع الخاص الطبي شهد حالياً تطوراً كبيراً وتوسعاً ملموساً.. بماذا ترجع هذه النقلة في هذا القطاع الذي ينمو بشكل سريع؟ - إن القطاع الطبي الخاص وكما أشرت يعتبر مكملاً للقطاع الطبي العام وحيث إن الخدمات الصحية الحكومية واكبها نقلة نوعية كبيرة، لذا فإنه من الطبيعي أن تتطور الخدمات الصحية الخاصة وخصوصاً أن هناك ضغوطاً كبيرة على الخدمات الصحية من قبل المواطنين والمقيمين وقد ساعد ذلك على تطور برامج التأمين الصحي الخاص. ٭ ظهرت في الآونة الأخيرة حركة تنقلات لأطباء متميزين إلى قطاعات صحية مختلفة حكومية منها وأهلية وكان السبب الحقيقي خلفها هي «من يدفع اكثر» كيف يرى معاليكم هذه الظاهرة والتي يصفها البعض بأنها صحية بينما البعض الآخر يجد انها ظاهرة صحية؟ - ان انتقال الاطباء المتميزين بين القطاعات الصحية المختلفة سواء العامة أو الخاصة يعتبر ظاهرة صحية إذا ما تم بعد تنسيق مسبق بحيث لا يؤدي الى ضرر بالخدمات الصحية أو المستفيدين من هذه الخدمة ولكن من المؤسف ما يحدث بعض الأحيان من جعل الهدف المالي هو الأساس دون النظر الى الخدمة وجو العمل والنواحي العلمية والتدريبية وغيرها، وربما نحن الآن في حاجة لوضع ضوابط عامة تعطي المرونة المناسب للطبيب، دون الإضرار بأهم عنصر وهو المسفيد من الخدمات الصحية - أعني المريض -، وحيث انني طبيب ممارس أتمنى أن لا يصبح الطبيب سلعة بين المستثمرين دون ضوابط مما قد يؤدي إلى ضرر دائم بسمعة الطبيب السعودي والمهنة. ٭ كيف ترى مستقبل الخدمات الصحية.. وماهي في رأيك ابرز الأمور التي يجب الأخذ بها خلال الحقبة المقبلة من الزمن؟ - عند الحديث عن مستقبل الخدمات الصحية فلابد من ان نربطها بالتمويل وكذلك نفرق بين المستقبل القريب والبعيد، وحيث ان هناك نمواً في موارد الدولة مما سوف ينعكس بشكل إيجابي على ميزانية القطاعات الصحية فأعتقد أننا سوف نرى نمواً تدريجياً وتوسعاً في الخدمات الصحية خلال السنوات القليلة المقبلة ولكن وكما اشرت مسبقاً فلابد من وضع استراتيجية طويلة المدى تضمن الاستمرار والثبات وأن تكون مدروسة بشكل دقيق دون ارتجال أو عشوائية، وقد يكون أحد البدائل الهامة للتمويل الخصخصة التدريجية مع وجود نظام للضمان الصحي يضمن حق المواطن وخصوصاً ذوي الدخل المحدود مع التأكيد على إبقاء الرعاية الصحية الأولية والوقاية ضمن إطار القطاع العام. ٭ يتوفى مئات من المرضى داخل المستشفيات شهرياً هذا بقدر الله في طبيعة الحال.. ولكن الملاحظ لايوجد رصد توثيقي للتحقق من وفاة كل مريض عبر لجنة تضم كامل التخصصات الطبية والفنية.. بحيث يمكن معرفة ما إذا كانت الوفاة بسبب خطأ طبي إضافة لجعل الطبيب دائماً تحت المراقبة والمسألة عند قصوره.. كيف ترى ذلك؟ - من أهم برامج الجودة والنوعية دراسة الوفيات داخل المستشفيات، وكذلك المضاعفات والأخطاء الطبية عبر لجان محايدة من المختصين سواء كان هناك شكوى أم لم تكن، بهدف وضع آلية لمعرفة وتصحيح القصور وكذلك التأكيد على عدم تكراره والأهم مقارنة المستوى والمعايير بالأرقام العالمية. ولست هنا متباهياً ولكننا في الشؤون الصحية بالحرس الوطني نطابق هذه المعايير وقد وضعنا بكافة مستشفيات الحرس الوطني نظاماً للجودة والنوعية وتم تشكيل العديد من اللجان المحايدة من المختصين لدراسة الأخطاء الطبية وكذلك المؤشرات بهدف مقارنة النتائج الإيجابية والسلبية بمثيلاتها في العالم، كما ان هناك لجنة عليا بالشؤون الصحية للجودة والنوعية وكذلك اخرى للأخطاء الطبية ومزاولة المهنة وتعقد هذه اللجان بشكل مستمر.