بعد مرور 5 أيام على اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق لا يزال مزيج من الذهول والحزن والقلق يسيطر على العاملين في راديو (أوريون) أو راديو الشرق الذي يمتلكه رفيق الحريري وهو أول راديو يمتلكه عربي في فرنسا يتمكن من تحقيق نسبة استماع تتخطى حاجز الواحد في المائة وهي نسبة رغم قلتها لكنها تعتبر جيدة بالنسبة لراديو لا تزيد نسبة استخدام اللغة الفرنسية فيه عن 35 في المائة من إجمالي ما يبثه من برامج. ورغم تمكن العاملين في راديو الشرق من محررين ومقدمي برامج وإداريين من التغلب على أحزانهم فور سماع نبأ اغتيال رفيق الحريري والتعهد بمواصلة العمل بكل جدية وإخلاص لوضع المشاهد العربي في فرنساعلى حقائق الأمور في لبنان بعد كارثة الاغتيال مع الاعتماد على بث آيات الذكر الحكيم بدلا من البرامج الترفيهية إلا أن القلق لايزال سيد الموقف في الراديو حيث يخشى العاملون في هذه الإذاعة من أن يؤدى اختفاء الحريري إلى تراجع إذاعة الشرق في وقت شهدت فيه هذه الإذاعة الموجهة أساسا لجالية عربية وإسلامية يزيد عددها عن 7ملايين نسمة تقدما ملحوظا لتصبح أول الإذاعات الناطقة بالعربية في فرنسا وأول إذاعة عربية في فرنسا يتابعها فرنسيون أصليون وليس فقط فرنسيين من أصول عربية وإسلامية. وتستبعد قيادات راديو الشرق أن ينهار الراديو بإختفاء الحريري مستندين في ذلك بالبناءين القانوني والمالي القويين اللذين يرتكزعليهما الراديو بفضل سياسة بعد النظر التي كان ينتهجها الحريري. ويذكر أن راديو الشرق تمتلكه شركة تيكنيك أوديوفيزوال فرانس التي تمتلكها بدورها شركة عرب يونايتد بريس التي يمتلكها الحريري بنسبة100 في المائة. ويعود حب واهتمام رفيق الحريري براديو أوريون بباريس إلى أن الحريري هو الذي تمكن من إنقاذ هذا الراديو من السقوط و الإفلاس عندما تقدم بشراء جانب من أسهمه عام 1990 عندما كانت محطة إذاعية صغيرة يعمل مجموعة أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة. ومع مرور السنوات اشترى الحريري نسبة 100 في المائة من أسهم راديو الشرق باريس ليحوله إلى أول راديو عربي في فرنسا رغم أن اللغة المستخدمة في الراديو هي اللغة العربية الأدبية وليس اللهجة المغاربية التي يجيدها معظم العرب في فرنسا والتي تستخدمها الإذاعات العربية الاخرى التي تبث من باريس على أساس أن المغاربة من تونس والمغرب والجزائر يمثلون أكثر من 85 في المائة من نحو 7 ملايين عربي ومسلم يعيشون في فرنسا. وقد حرص الحريري على أن يكون جميع المسؤولين الذين تولوا إدارة الراديو من المقربين منه حتى يضمن نجاحه واستمراره فمدير راديو أوريون السابق هو هاني حمود الذي كان يشغل منصب المستشار الشخصي للحريرى للشؤون الإعلامية. أما النجاح الحقيقي للراديو فقد تمكن من تحقيقه مقرب أخر من الحريري وهو فؤاد نعيم الذي تمكن منذ تعيينه مديرا للراديو في سنة2002 من أن يزيد نسبة مستمعي الراديو بمقدار الضعف ليتخطى للمرة الاولى نسبة الواحد في المائة من إجمالي نسبة استماع الإذاعات في فرنسا. وقد قرر فؤاد نعيم بالتنسيق مع الحريري أن يهتم الراديو بشكل أكبر بالشباب العربي الذي انقطعت صلته باللغة العربية مع إعطاء مزيد من الاهتمام باللهجة المغاربية في بادئ الامر حتى يتم جذب الشباب العربي قبل أن يجعله الراديو يعتاد على اللغة العربية الأدبية القريبة من اللهجتين المصرية واللبنانية. وقد بلغت نسبة البث باللغة الفرنسية في راديو الشرق إلى نحو 35 في المائة من إجمالي ساعات البث مقابل 65 في المائة للغة العربية ويتميز الراديو ببرامجه الخفيفة خاصة البرامج الغنائية التي تقوم على اتصال المشاهد العربي بالراديو لإجراء حوار يتمحور دائما على ربط العرب الفرنسيين ببعضهم. ويولي الراديو مع ذلك اهتماما كبيرا بنشرات الأخبار بالعربية والفرنسية إضافة إلى البرامج الأخبارية يقدمها المذيعون من باريس أو عبر مراسلي الراديو من عدد من دول العالم خاصة من مصر والجزائر والمغرب والولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا. وقد مر راديو أوريون خلال عمره بلحظات قاسية خاصة تلك التي كان يتهم فيها بمعاداة السامية لتبنيه سياسة تقوم على تأييد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حتى أن العديد من زعماء الجالية اليهودية تقدموا بشكاوى للقضاء ضد الراديو بتهمة الترويج لمعاداة السامية خاصة في الفترة التي تبنى فيها فكرة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في فرنسا. وكان تدخل الرئيس شيراك لدى صديقه الحميم رفيق الحريري أثره في تخفيف حدة هجوم الراديو على سياسة إسرائيل في فرنسا خشية أن يضغط زعماء اليهود على القضاء لوقف بث الراديو لتفقد بذلك الجالية العربية أحد أهم وسائل اتصالها بأوطانها خاصة من خلال بث صلاة الجمعة على الهواء من مكةالمكرمة أو من مسجد باريس الكبير.