يقولون: «لا تستشر جاهلاً ولا جبانا ولا متهوراً» وهذا المنطوق يحدد مفهوم (مواصفات المستشار) وهو أن يكون (عاقلاً عالماً بموضوع الاستشارة ومتوازناً بين الحذر والاقدام). هذه افضل مواصفات المستشار في كل مجال، وخاصة في سوق الاسهم الذي تحتاج الاستشارة فيه لخبرة طويلة وممارسة قديمة ناجحة من المستشار، بالاضافة الى كونه عاقلاً.. موزوناً.. معتدلاً بين الحذر والاقدام.. لأن أسواق الأسهم في العالم كله شديدة الخطورة والتقلب، سريعة التأثر بكل المستجدات، وفي حاجة ماسة لإدراك عميق بوضع الشركات المساهمة، واحدة واحدة، من حيث حسن الإدارة او سوئها، ومستقبل الصناعة او المنتج، وقدرة الشركة على المنافسة والتكيف مع اختلاف الظروف، ومدى مالديها من توسعات وما عليها من التزامات، هذا بالنسبة للشركات واحدة واحدة، ويبقى بعد هذا أوضاع الاقتصاد العالمي والمحلي، ونفسيات المتعاملين في السوق، ودرجة الثقة والتفاؤل او التشاؤم، بحيث يستطيع المستشار الضليع ان يختار لك حسن التوقيت في الشراء او البيع، ولا يعني هذا بالطبع ضمان الربح او السلامة من الخسارة، كما لا يعني القدرة على الشراء بأقل الاسعار، والبيع بأعلاها، فالسوق أقوى من الجميع، وأسرع.. وأذكى.. وإنما يعني هذا الرشد في القرار قدر الامكان، واستفراغ الجهد في البحث والاطلاع، ولا يلام المرء بعد اجتهاد.. واذا كانت تلك هي بعض مواصفات المستشار فلابد من وجود مواصفات في المستشير نفسه، وهو ان تكون لديه القدرة على التمييز بين العالم والجاهل، والمخلص والمغرض، والجبان والمتهور، وأن يكون هذا المستشير قادراً على فهم الاستشارة وهضمها بحيث يقدم او يحجم عن بصيرة، فرغم كل ما يقدم له مستشاره من معلومات وتوقعات، يظل القرار النهائي قراره هو، والمسؤولية الحقيقية تقع عليه أولاً، وانما المستشار بمثابة من يضيء بعض النور في طريق مظلم، ان هذا يساعد على الرؤية والسير ولكنه يستوجب تدقيق الرؤية لكثرة الحفر والعقبات في الطريق، كما يستوجب اختيار افضل وأخصر الطرق التي انعكست عليها أنوار المستشار الشاحبة، ذلك ان طرق سوق الأسهم كثيرة، متفرعة، متشابهة، ولكن بعضها يوصل الى الهدف، وبعضها يوصل الى الضياع. يضاف الى هذا أن المستشير نفسه هو الأصل، وهو منبع القرار، لهذا فإن شدة التردد، وكثرة الاستشارة والمستشارين تدل على تردد المستشير وعجزه عن أخذ القرار الصحيح، رغم كل الاستشارات، كماانه سوف يضيع اذا أسرف في استشارة الكثيرين حيث تتعارض الآراء وتختلف الرؤية فيتكثف الضباب وتكاد الرؤية تنعدم. ان المتاجرة في سوق الاسهم تستحق كل هذا العناء والتدقيق والتبصر، ونسمي ذلك (عناء) كما يبدو للوهلة الأولى، والا فانه متعة لدى المحترفين المتمرسين العقلاء.