كما جرت العادة معنا، أن لا نرى مبدعينا إلا من خلال أعين الأشقاء في الدول المجاورة، هذا نجم سعودي شاب، مخرج أفلام قصيرة، استطاع بعد كفاح استمر عشر سنوات وبمجموع تسعة أفلام، أن يصل بفيلمه الأخير «الحلم الضائع» إلى دولة الإمارات وأن يظهر من خلال نافذة مهرجان «أفلام من الإمارات» الذي يقام سنوياً في إمارة أبوظبي.. ومن هناك تعرفنا على «علي الأمير».. وهنا كان حوارنا معه: ٭ بداية من هو علي الأمير؟ - علي بن حسن محمد الأمير، مواليد 1981، دبلوم عال في تحليل تصميم نظم المعلومات من جامعة الملك خالد، طالب بالسنة الثانية قسم الحاسب وتقنية المعلومات بالجامعة العربية المفتوحة. ٭ متى بدأت؟ ومن أشعل الرغبة الأولى فيك؟ - كان شغفي بعالم السينما يأسرني منذ نعومة أظافري، وكانت لي محاولات جادة لتطبيق رؤيتي في الإخراج من خلال تجسيد المشاعر والأحاسيس بالصورة الدرامية المرئية، والتركيز على الحركة ضمن مشاهد مسرحية كنت أعدها وأشارك بها في مسرح المدرسة. الوالد - حفظه الله - لاحظ هذا الشغف فأهداني كاميرا فيديو والتي بدأت معها المحاولات الجادة والتي أثمرت في إنتاج عملي الدرامي الأول «الانتقام» وهو فيلم صامت مدته 6 دقائق وأُنتج عام 1995م وهو بدايتي الفعلية لدخول عالم السينما. ٭ هل لمشاهداتك السينمائية الأولى دور في اتجاهك نحو الإخراج؟ وما هي أبرز الأفلام التي أثرت على وعيك ورؤيتك نحو الفن والسينما؟ - في تلك الفترة، زاد احتياجي لتعلم كل ما هو جديد في فنون السينما والتلفزيون وكان أفضل طريق لذلك هو مشاهدتي لأفلام عريقة ولمخرجين كبار اعتبرهم القدوة والمدرسة التي أسير على نهجها، أمثال المخرج فرانسيس كوبولا والمخرج ريدلي سكوت والمخرج ستيفين سبيلبرج والمخرج جويل شوماخر والمنتج المبدع والرائع Jerry Bruckheimer الذي اعتبره معلمي واستمد من أعماله التلفزيونية والسينمائية دروساً كثيرة. ٭ لمَ اتجهت تحديداً نحو الأفلام القصيرة؟ وهل شاهدت نماذج لها قبل بدايتك؟ - كانت قلة وضعف الإمكانات المادية والتقنية اللازمة هي السبب الرئيس لاتجاهي نحو الأفلام القصيرة. لكن مع مرور الزمن وجدت تمكني وإجادتي وقدرتي على الإبداع في الأفلام القصيرة أكثر من غيرها. وساعدني في ذلك مشاهدتي للأفلام القصيرة المشاركة في مهرجانات دولية مثل مهرجان برلين السينمائي ومهرجان بينالي السينمائي ومهرجان نوتردام بهولندا ومهرجانات متعددة في فرنسا، وأسلوب المخرجين الفرنسيين الشباب في أفلامهم القصيرة هو ما دفعني لإنتاج أفلام مثل هذا النوع مشابهة في الرؤية ومختلفة في اللغة. ٭ ما مدى الصدى الذي لقيه عملك الأول؟ وما مدى الانتشار الذي حققه؟ - كانت لأفلامي (الانتقام - بطل إلى النار - المال والبنون) منذ عام 1995 حتى 1997 صدى معين داخل نطاق العائلة والأصدقاء والمدينة التي أعيش فيها. وذلك لأنها خطوة جديدة وجريئة في نفس الوقت لشاب يبلغ 14 عاماً من العمر. وكان هذا القبول دافعاً ساهم في رفع معنوياتي لمواصلة السير بخطى ثابتة في هذا المجال وتحقيق الهدف المنشود. ٭ كم كلف فيلمك الأول؟ وكم أخذ منك من وقت لإتمام صنعه؟ - لم يكلف فيلمي الأول «الانتقام» أي مبالغ مالية تذكر. وذلك يرجع إلى اعتمادي على الاستفادة بقدر الإمكان من الأشياء المتوفرة في محيطي لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة لإنجاح رؤيتي في أي عمل. ومنها بساطة المونتاج الذي استخدمت فيه جهاز تسجيل الفيديو وكاميرا فيديو وجهاز استريو ومنها صنعت جهاز مونتاج مصغرا وبسيطا. كانت مدة الفيلم 6 دقائق، استمر التصوير على مدى يومين والمونتاج ليوم واحد فقط. ٭ الكثيرون وأنا منهم لم يعرفوا علي الأمير إلا من خلال فيلمه الأخير «الحلم الضائع» والذي وجد فرصة العرض في مهرجان أفلام من الإمارات.. حدثني عن هذه النقلة؟ كيف وصلت إلى هذا المهرجان؟ - كان إعجاب الأصدقاء والأقارب بالأفلام التي أخرجتها يرفع معنوياتي ويرضي ذاتي فقط. وحينما انتهي من عرض الافلام اجمعها في رف المكتب بمنزلي وانظر إليها مجتمعة واشعر بالفخر لأنني قمت بشيء خلال الثمان سنوات التي مضت. فتلقيت اتصالاً من أحد الأصدقاء بعد مشاهدته لفيلمي الأخير «الحلم الضائع» ونصحني بالمشاركة في مهرجان «أفلام من الإمارات» في حين كنت استبعد فكرة مشاركتي الخارجية، لكني عزمت وأرسلت نسخة من الفيلم للجنة المهرجان ورحبوا بالفكرة والمشاركة التي لم تكن لتكون لولا دعم وتشجيع مدير المسابقة السيد مسعود آمر الله آل علي الذي أبدى ترحيبه الشديد بالأعمال السعودية جنباً إلى جنب مع الإماراتية. وكما قلت كانت المشاركة نقلة نوعية في مشواري وأعظم ما تحقق لي حتى الآن. ٭ ما الذي منحته لك هذه المشاركة على المستوى الشخصي؟ - منحتني دعماً معنوياً ومعرفياً، لأنني وجدت مخرجين عربا كبارا ونقادا سينمائيين مخضرمين ساهموا في تحليل وتقييم العمل الذي شاركت به وتوضيح مكامن القوة والضعف فيه مما زادني خبرة ومعرفة وكذلك فخراً وشرفاً. ومنحوني حبهم ودعمهم الكامل لمساعدتي في تحقيق رؤيتي السينمائية ومستقبل واعد للسينما في وطني العزيز المملكة العربية السعودية. ومنهم الناقد السينمائى صلاح السرميني والمنتج التلفزيوني فيص حصائري والمخرج البحريني بسام الذوادي وغيرهم. ٭ على المستوى المهني.. هل تلقيت عروضاً من قبل مخرجين أو مهتمين للتعاون أو التدريب؟ - خلال المهرجان كان لنا لقاءات مع مخرجين سينمائيين عالميين مما أتاح لنا الفرصة للتعرف على السينما العالمية وعلى الطرق المثلى لإنشاء سينما محلية. وكما تعرفت على مخرجين إماراتيين شبابا وعلمت أن هناك قواسم مشتركة من بعض النواحي الخاصة بمواجهة مشاكل تنفيذ أي عمل سينمائي، وقد اتفقنا على عمل مشترك في المسابقة القادمة بإذن الله. كما تلقيت دعوة من منتج سينمائي للدراسة في مدرسة سينمائية خاصة في ايطاليا. ٭ أنت الآن أتممت عامك العاشر في هذا المجال، ومع ذلك لم تعرف بعد، برأيك ما هو سبب ذلك؟ هل الإعلام مقصر أم أنك كسول في التعريف بنفسك؟ - بعد مشاركتي في مسابقة أفلام من الإمارات سلطت بعض الصحافة السعودية على مشاركتي في المسابقة ويشكرون علىٍ ذلك. لكن نحن الشباب بحاجة إلى دعم إعلامي ورسمي مستمر يليق بنا وبما قدمناه في مشاركاتنا الخارجية ولأننا قطعنا شوطاً كبيراً وخطوات مهمة تحتاج إلى المتابعة والعمل. وسيظل هذا الجهد مبتوراً إذا لم تتضامن المؤسسات الإعلامية والرسمية والثقافية معنا. ٭ الكثير من الشباب لديهم الرغبة في ولوج مجال الأفلام القصيرة لكنهم يستصعبون الأمر، أنت بصفتك مجربا وخبيرا.. هل الأمر فعلاً بهذه الصعوبة التي يرون؟ ماذا تقول لهم؟ - صناعة السينما مثل أي صناعة أخرى تحتاج إلى تعلم قواعد أساسية يتقنها الفرد والباقي يعتمد على ذوق وخيال المخرج، وهذا الذي يميزه عن غيره. ونصيحتي لهم أن يطلقوا العنان لأفكارهم خارج المحيط الذي يعيشون فيه، وأن لا يلتفتوا للمثبطات التي تنتشر حولهم، وأن يتحلوا بالجرأة وبالمسارعة إلى التنفيذ، والأمر بسيط جداً ولا يحتاج إلى هذا الوقت من التفكير، كل ما عليهم القيام به هو أن يبدأوا فقط. ٭ هل تنوي الاستمرار؟ البعض يقول ان الأفلام القصيرة ما هي إلا وسيلة لغاية، والغاية هنا هي الوصول إلى قلب الدراما الحالية والانغماس في عالم التلفزيون والمسلسلات.. هل هذا صحيح؟ ما هي غايتك؟ - حلمي ما زال في بدايته، واستمراري في إخراج الأفلام القصيرة لا يعني بالضرورة الوصول إلى الدراما التلفزيونية، لكن عملي لمدة 10 سنوات في مجال الأفلام القصيرة منحني شيئاً من الخبرة والمهارة اللازمة للمواصلة في هذا المجال. والغاية هي الوصول إلى العالمية وإثبات وجود صناعة سينمائية سعودية واعدة ومشاريع وطنية طموحة، وأيضاً محاولة خلق فكر إعلامي حضاري يليق بسمعة هذا الوطن. ٭ ما هي المشاريع القادمة لعلي الأمير؟ - أنا بصدد تصوير فيلم روائي قصير بعنوان «غضب الصحراء» قصة من واقع الحياة للكاتب السعودي الشاب فهد العبدالله الروضان وبمشاركة مجموعة من ممثلين سعوديين شباب وبدعم من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين وسيرى النور في الأشهر القادمة بإذن الله. كما تم التخطيط حالياً لتصوير فيلم درامي مع إحدى المؤسسات الوطنية، حيث ما زال الفيلم في مراحله الأولى.