توقع متخصصون أن تتراجع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية خلال العام القادم بنسب تتراوح بين 25 و 50%، مستثنين من ذلك الأرز الذي لم تشهد أسعاره تراجعات حتى الآن في أسواق جدة بسبب احتكاره من تجار محدودين لا يتجاوز عددهم الخمسة مما يجعله لا يخضع لأي مقاييس. وأكدوا على جمعية حماية المستهلك والجهات المعنية عدم الانخداع بتلك التراجعات لأنها جاءت بعد ارتفاعات مبالغ فيها، وصلت في بعض السلع إلى 300%، مما يعني أن نسبة الارتفاع انخفضت بشكل بسيط، لكن المبالغة في الأسعار لا زالت موجودة، مطالبين الجمعية بالعمل على إعادة الأسعار إلى مستواها الطبيعي الذي كانت عليه قبل عامين. ويؤكد ممثل غرفة جدة في مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالله بن محفوظ أن ردة الفعل لدى التجار المحليين تأتي دائما متأخرة بسبب المخزون الموجود لديهم الذي اشتروه بأسعار مرتفعة ولا يستطيعون بيعه بأقل من سعر التكلفة، بعكس الأسواق الخارجية التي يكون حجم المخزون فيها بسيطا جدا فتتم عمليات تغيير الأسعار بشكل سريع. وطالب ابن محفوظ من جمعية حماية المستهلك أن تضع في حسبانها أن أي تراجعات تسجلها أسعار السلع والمواد الغذائية هي نتيجة لارتفاعات مبالغ فيها تمت في السابق وليست المسألة انخفاضا في الأسعار، حيث إن غالبية السلع والمواد الغذائية سجلت ارتفاعات بنسب تصل إلى 300% خلال العام الحالي والماضي، وعندما تتراجع أسعارها بنسب تتراوح بين 30و 40% تعني أن نسبة الارتفاع انخفضت إلى 270 أو 240% ولا يعني أنها انخفضت أو عادت إلى طبيعتها، فالارتفاع ما يزال موجودا وعلى جمعية حماية المستهلك والجهات المعنية أن تعمل على إعادة الأسعار إلى طبيعتها ولا تنخدع بالتراجعات التي ستسجلها غالبية السلع الاستهلاكية والأغذية. وتوقع ابن محفوظ أن تشهد أسعار المعلبات انخفاضا سريعا خلال العام القادم في حين تسجل أسعار اللحوم والمجمدات والحليب تراجعات بطيئة قد تستغرق عدة أشهر. وأضاف ابن محفوظ أن المنتجين المحليين سيقومون بتخفيضات على منتجاتهم قد تصل إلى 30% بسبب تراجع أسعار المواد الخام التي تعتمد عليها المصانع الوطنية، حيث سجلت هذه المواد تراجعات كبيرة وملحوظة في جميع الأسواق، في حين أن المنتجين الخارجيين لم يعودوا يفكرون في الربح، حيث ينصب تفكيرهم حاليا في التصريف لحاجتهم إلى السيولة، لذلك سيخضعون لسيطرة المستهلك الذي يحدد حجم العرض مقابل الطلب بسبب السيطرة. وأشار ابن محفوظ إلى أن أسعار المعلبات ستشهد تراجعا خلال العام القادم بنسبة 50% في حين ستسجل المجمدات واللحوم تراجعا يتراوح بين 15 و 20%، وستعود أسعار الحليب المجفف إلى ما كانت عليه عام 2007 وهي الأسعار التي عرفها المستهلكون منذ عشر سنوات. واستبعد ابن محفوظ منتجات الأرز من التراجعات بسبب سيطرة مجموعة صغيرة من التجار لا يتجاوز عددهم الخمسة على هذه السلعة مما جعلهم يتحكمون في أسعارها ويرفضون إجراء أي تخفيضات عليها، خاصة أن اتفاقياتهم تتم مباشرة مع مصادر السلعة الأساسية وهذه المصادر محدودة جدا، بعكس مصادر السلع والأغذية الأخرى التي نجدها متعددة وكثيرة، كما أن اتفاقيات مستوردي الأرز مع المصادر تأخذ وقتا طويلا بعكس المنتجات الأخرى، لذلك فان الأرز لا يخضع لأي مقاييس بسبب احتكاره. وأكد ابن محفوظ أن الدولة تستطيع التخلي عن دعمها للسلع المحددة مسبقا خلال العام القادم، سواء استمرت الأسعار على مستوياتها الحالية أو بدأت تسجل تراجعات، لان آلية الدعم لم تكن مجدية من الأصل ولم يشعر بها المستهلك النهائي، فهذه الآلية خدمت التجار كثيرا حيث استطاعوا تحقيق الربح الذي يريدونه بسبب الدعم الحكومي الذي يعتمد على دفع الفرق بين سعر السلعة وتكلفتها وسعر التخفيض الذي يجب عليها، مشيرا إلى أن الآلية المثالية تكمن في توزيع كوبونات للمستهلكين المحتاجين ليسجلوا فيها احتياجاتهم الأساسية وتقوم الدولة بشرائها وصرفها لهم وهي آلية متبعة في أمريكا. ويشير مدير التسويق في شركة المتاجر العربية المحدودة (سروات ) محمد باموسى إلى أن تراجع أسعار المواد الغذائية بدأ منذ فترة الحج الماضية حيث سجلت معظم المنتجات تراجعا بنسبة 5% ولا يزال تجار الجملة والمستوردون يقدمون خصومات على منتجاتهم حتى الآن. وأضاف باموسى أن العام القادم ( 2009 ) سيشهد المزيد من تراجع الأسعار في معظم المنتجات الغذائية والسلع الاستهلاكية بسبب انخفاض التكلفة وقلة الطلب مقابل العرض، مشيرا إلى أن التراجعات التي تحققت حتى الآن غير عادلة ولا تعكس الوضع الحقيقي للسوق، لكن الكثير من التجار المحليين لا يزالون يحاولون تصريف ما لديهم من مخزون. وأكد باموسى أن التخفيضات شملت المعلبات والمجمدات في حين شهدت الزيوت النباتية منذ شهر تراجعا في أسعارها بنسبة 15% ، في حين لم تتراجع أسعار الأرز في جدة حتى الآن. وتوقع باموسى أن تتراجع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية بنسبة 25% خلال النصف الثاني من العام القادم.