* أكتب إليك هذه الرسالة وأنا في حالةٍ من التشوش لا يعلمها إلا الله. مشكلتي ياسيدي زوجي الذي أصبحت الحياة معه لا تُطاق. أنا سيدة جامعية وكذلك زوجي يحمل مؤهلاً عالياً ومتزوجان منذ ثلاثة عشر عاماً ولدينا أربعة أطفال. في بداية زواجنا كانت أمورنا جيدة وحياتنا الزوجية جيدة جداً، ولكن بعد بضع سنوات بدأ يتغيّر زوجي. أصبح شكاّكاً وكانت الأمور في البداية مُحتملة ولكن الآن أصبحت حياتنا جحيماً لا يُطاق. فزوجي أصبح شكّاكاً بطريقة مُزعجة جداً، أصبح يشك في كل تصرف لي، يفُسّر الأمور بطريقة غريبة جداً بحيث أصبحت موضع شك في كل حركةٍ من حركاتي وتصرفاتي. أصبحتُ لا أخرج درءا للمشاكل حتى أهلي أصبحت لا أزورهم إلا قليلا جداً وبرفقته حتى لا يجعل من زيارتي لأهلي قضية ومشكلة ولكن مع كل ذلك شكوكه لا تقل، بل على العكس تزداد يوماً بعد يوماً. يشك في كل ما أفعله وأضطررتُ لترك عملي وجلستُ في المنزل حتى لا يختلق مشاكل من ذهابي إلى العمل، ولكن حتى هذا أيضاً زاد شكوكه وأصبح عصبياً لا أستطيع التفاهم معه، أصبح عنيفاً مع ابنائه ويختلق المشاكل ليُحيل حياتنا جميعاً إلى جحيم، فأصبح الأولاد يكرهونه ولا يُحبون أن يجلسوا معه مما زاد المشاكل ويتهمني بأني أحرض أبنائي على أن يتجنبوه وأحاول بهدوء أن أشرح له بأني ليس لي أي دور في تجنب ابنائنا للجلوس معه، وحاولت مرةً أن أشرح له بأن سلوكه مع أولاده هو الذي يجعلهم يتجنبونه، لكثرة انتقاداته ومعاملتهم بقسوة، فثار عليّ بشكلٍ غريب حتى أني خشيتُ على نفسي من أن يؤذيني، ولكن هدأت الأمور بأن بقيتُ صامته لا أُحرّك ساكناً حتى أنتهى من ثورته وترك المنزل، فبقيت أبكي في المنزل وحضر أبنائي ووجدوني منهارة في غرفة نومنا ولم أكلمهم فقد كنتُ في حالةٍ سيئة جداً لا تسمح لي بالحديث أو نطق أي كلمة. عندما عاد ووجدني في غرفة النوم ثار مرةً آخرى وسألني لماذا أنا في غرفة النوم، فأجبته بأني أشعر ببعض التعب وأني في غرفة النوم لأرتاح قليلاً. تركني وأخذ يفُتش المنزل بحثاً عن أشياء لا أعرف ماهي بالضبط، وأخذ هاتفي المحمول وأخذ يُفتش فيه عن مكالمتي ويسألني عن كل رقم من صاحبه وكنتُ أجيبه بأني لا أكلم أحدا إلا أهلي وعددا محدودا من صديقاتي، فكأن كلامي لم يُعجبه لكنه لم يفعل شيئآ. الشيء الآخر أنه حتى في عمله أصبح يختلق المشاكل ويعتقد بأن زملائه في العمل يتآمرون عليه ويحكي لي عن أشياء غريبة في علمه، فأيقنتُ بأنه مريض ولكن لا أعرف ماهو هذا المرض النفسي أو العقلي الذي يُعاني منه. أفكّر كثيراً بأن أتركه ولكن أتذّكر أولادي وإنه سوف يحرمني منهم وكذلك متأكدة بأنه سوف يُعاملهم معاملةً سيئة وقاسية، فصرفت تفكيري إلى أمرٍ آخر وهو أن أحاول أن أتحدث مع أحدٍ من أهله لكي يتعالج من هذه الشكوك المرضية ولكني خشيت أن ينقلب الأمر عليّ، خاصة وأن علاقته بأهله ليست جيدة ويشك بأنهم أيضاً يتآمرون عليه. أعيش الآن في وضعٍ مزرٍ بمعني الكلمة فلا زيارةٍ لأهلي ولا أخرج من المنزل وحتى المكالمات الهاتفية محرومة منها، هذه الأمور مجتمعة جعلتني أصاب بالإكتئاب فتدهورت حالتي البدنية والنفسية، أصبحت أشكو من آلام في كل جسدي، صداع مستمر، آلام في البطن والظهر، أهملتُ مظهري حتى أصبحت كأني عجوز وأنا لم أبلغ الاربعين من العمر، برغم أني كنتُ أعتني بمظهري من قبل وشكلي ومظهري كان جميلاً كما كان يقول عني زميلاتي في العمل وقريباتي، عندما تزورني إحدى شقيقاتي الآن تُصدم لما آل أليه شكلي ومظهري وحالتي بشكلٍ عام، حاول أحد أشقائي أن يتدخل فطلبتُ منه عدم التدخل حتى لا يتعقد الأمر أكثر وندخل في دوامة آخرى. لا أعلم ماذا أفعل؟ هل يمكن أن يكون مريضاً بمرض عقلي أو نفسي وهل يمكن علاجه؟ وبماذا تنصحني أن أفعل؟ أنا في دوامةٍ حقيقية ولا أعرف ماذا أفعل وأمام عيني أبنائي وكيف ستُصبح حياتهم فيما لو تركته، وهل لو تركته سوف يتركني لشأني أم سيحاول أن يؤذيني؟ فأنا أخشى على نفسي منه. إني في حيرةٍ شديدة ومتشوشة وعقلي متوقف عن التفكير فماذا تنصحني به. أرجوك لا تُهمل رسالتي وقد غيرّت بعض الأحداث حتى لا يعرف أني من أرسل الرسالة، ولكن بانتظار رأيك إذا كنت ترى هناك بارقة أمل تُصلح هذا الزواج. ف.ع - سيدتي الفاضلة، لقد قرأت الرسالة بتمعن، وأقدرّ تماماً المعاناة التي تعيشينها أنتِ وأبناؤك مع هذا الزوج والأب. ليس لدي ما أقوله لكِ إلا أن تحاولي فعلاً أن تجدي أحداً من أهله يُقنعه بطريقةٍ غير مباشرة بالذهاب لطبيب نفسي لأن الوضع سوف يزداد سوءا مع التقّدم في العمر إذا لم يتعالج. إذا لم تستطيعي أن تصلي لهذا الحل فأعتقد أنك سوف تُعانين كثيراً وكذلك أبناؤكِ، كان الله في عونكم جميعاً، لكن لا تتوقعي أن يتحسّن دون علاج بل كما قلتُ فإن الأمور ستتدهور مع التقدّم في العمر. فكري جيداً واستشيري أهلك فربما يتمخض هذا عن حلٍ مناسب والله يحفظكِ أنتِ وأبناؤكِ من كل شر.