قرأتُ في افتتاحية "الرياض" ليوم أول من أمس الثلاثاء أسطراً للزميل يوسف الكويليت شدتني بعض الشيء.. وهي أن عادة رفع الحذاء من قبل الجالس لا تعتبر نقيصة في حق الحاضر عنده، هذا عند الأمريكيين.. والقول صحيح، لكن ليس عند الإنجليز (أهل البروتوكول).. وحادثة قذف الرئيس بوش - في رأيي - احتاجت إلى بعض الوقت عند الرجل العامي الأمريكي، كي يعرف حدّها ومعناها. وشدّني أيضاً، غير أفتتاحية "الرياض" بيت شعر قديم يقول: رجل إذا ضَرَب الحذاء بوجهه قال الحذاء بأيّ ذنب أضربُ وقرأتُ تعليقاً عنونه صاحبه "أحذية الدمار الشامل" وآخر تحت عنوان "موقعة الحذاء" وآخر يقول: "رب جزمة خير من ميعاد". وثالث يقول: "رُبّ جزمة سلبت نعمة".. واعتادوا في دول أوروبا قذف من تجاوز معقولية وحسبان الرأي العام، الشعبي والمستنير، بالطماطم والبيض الفاسد (قلما يفسد البيض في أوروبا لبرودة الطقس) ولكن على المتحمسين أن يتدبروا أمرهم..!! ولا يتصف كل حذاء في مفهومنا في العالم العربي بالسوء.. وقد وجدناه يأخذ حد الضرورة، كالماء والطعام لرجل الصحراء.. قال شاعر شعبي: روّحوا واقفوا مع الحزم رجليّه لا زهاب ولا صميل (ن) ولا نعالِ (ي). ويُقال: اكتسى فلانٌ وانتعل، إذا تحسنت حالته المعيشية.. وفي بيت مدح فصيح قال أعرابي يمتدح معن بن زائدة: أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير ولو أن متجراً جاء بفكرة إجراء عملية تخفيضات "موسمية" بمناسبة بدء الشتاء القارص عندنا في المنطقة، فأعتقد أنه سينال نصيباً من التوزيع وتصريف المخزون، لأن حادثة الحذاء تلك ستُلازم أذهان الناس. ودخلت عبارة (شو شاين) shoe shine إلى اللغة الإنجليزية حوالي العام الميلادي 1400، وهي مادة دهان وتلميع الحذاء، وكانت جزءاً من حياة الجنود وطلاب المدارس الداخلية، وحتى الأسر.. كذلك هناك كلمة (شو بوكس) و هو صندوق صُمم خصيصاً لحفظ أحذية الأسرة.. وتأكدتُ من عبارة (أولد شو) old shoe ووجدت أن الإنجليز استعملوها لوصف كل قديم أو غير صالح.. وربما أن أهل مصر أخذوها بحرفيتها عندما يصفون الشخص المكروه بأنه "جزمة أديمة" - أى قديمة. وابحثوا عن عذر لتكرار أو إيراد المفردة - لكن أقول "أخذني الما"، أي جرفني تيار الأعمدة الصحفية.