قرأنا في أخبار الأسبوع الماضي في الصحافة المحلية عن قيام مؤسسة إعلامية بعرض فيلم سعودي لعامة الجمهور، في صالة عرض أُتيحت لمن رغب المشاهدة. قرأنا هذا، وبعد ساعات جاءت بعض الفضائيات العربية بأخبار "الحدث" نقلته عنه البي بي سي البريطانية (القسم العالمي باللغة الإنجليزية)، وفي أخبار اليوم التالي نقلته الصحافة الغربية المقروءة. ورغم قِدَم الصناعة إلاّ أن المفردة (سينما) كانت تخوّف.. مثل الحيّة السامة.. أو الغول. كرهناها واستبعدناها في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي. ثم لامسناها ووجدنا أنها (ماهيب تقرص ولا تعض) فتساهلنا قليلا في مسألة استيراد أجهزة العرض، وأيضا بعض الأفلام المصرية، التي إذا ملّ منها مستوردها الأول عرضها للبيع والتأجير. وكان الحي الواقع جنوب شارع الوشم في الرياض (قرب مجمع الأسماك) مقرّا معروفا لطالب ومقدّم الخدمة، دون خوف أو حرج أو قلق. ومرّ زمن كانت فيه دعوات العشاء ترتبط باستئجار آلة عرض وفيلم أو أكثر لفريد الأطرش، أو سميرة توفيق أوأسمهان أوفريد شوقي أو غيرهم من الأفلام التي تمتزج فيها الدراما بالطرب. في الحجاز - أذكر - ارتباط السليق (لدى أكثر الأسر) باستئجار الآلة والفيلم معا. وفي أكثر الحالات تحتاج الأسر إلى مُشغّل لتركيب الفيلم والإشراف على العملية وإصلاح العطل. إضافة الى هذا فإن بعض الشركات لها تجمعات ونواد خاصة فى جدة (للموظفين وأصدقائهم) تعرض كل ليلة فيلما مختلفا. جاءت اوائل الثمانينيات الميلادية وما بعدها فعاودنا ذلك الرهاب أو "الفوبيا" من مفردة "سينما". فمن قائل إننا اكتشفنا سمّيتها من جديد..!! وخفنا.. وأولمنا العصىّ لنُتبع رأسها الذنبا. ومن قائل أن الموضوع (موضوع السينما) تضاءلت أهميته بسبب انتشار جهاز الفيديو وتمكّن الناس من مشاهدة أحدث الأفلام بخصوصية وبدون حضور رجل كان يقوم بتشغيل الآلة وتركيب البكرة، وتركيب الجزء الثاني من الفيلم. الكلمة "سينما جاءت من اليونانية kinema منذ العام 1890، وتعنى المتحرّك. ولذا نجد أنهم في أمريكا وكندا لا يزالون يطلقون عليها (موفي). أما في بريطانيا فالعامة تقول (بيكتشرز) pictures أي الصور، والنخبة تقول (فلم ثييتر). لتفرّقا عن المسرح. مجتمعنا عرف هذه الأشياء وحضر وشاهد أفلاما كثيرة في حيّ الموظفين في أرامكو في الخمسينيات. ومعظم ماكان يُعرض للجمهور (الموظفين وضيوفهم) كانت أفلاما أمريكية. وقيل إن أرامكو هيأت تلك الخدمة لتقلل من سفر العاملين الى البحرين (بواسطةاللنش) نهاية الأسبوع، من أجل مشاهدة الجديد من الأفلام المصرية.