للنجاح في هذه الحياة فرحة وطعم ومذاق خاص لا يدرك حجمها إلا من بذل من الجهد الشيء الكبير ومن سعى بجد وكافح وتعب حتى يصل إلى هذا النجاح.. وعندما يكون العمل من اجل الوصول إلى نجاح يعود للدين ولمصلحة الأمة وللوطن وللبشرية وللإنسانية فان درجة الشعور بالسعادة والفرح بذلك النجاح ستكون مختلفة كليا لا تماثلها ولا يوازيها أي سعادة في هذه الحياة... خاصة لمن ظل يعمل بإخلاص وسهر أياما وأسابيع وأشهرا وخطط من اجل الوصول إلى هذا النجاح.. ويوم أمس الأول كان الوطن على موعد مع نجاح جديد ومختلف ومميز ذلك النجاح تمثل في حج هذا العام وهو نجاح تحقق أولاً بتوفيق من الله عز وجل ثم بالجهود المخلصة التي بذلتها وسخرتها حكومة هذه البلاد في شتى المجالات لإدراكها بأهمية هذه المناسبة الإسلامية العالمية.. إن إدارة أمن أي تجمع بشري خاصة في هذا الزمن مهمة ليست بالسهلة وخاصة ممن يدرك طبيعتها وظروفها من كل الجوانب - الميدانية خاصة - ومن ثم بقية الجوانب الأخرى فما بالك بأمن اكبر تجمع بشري عالمي موسمي يتجاوز تعداده الثلاثة ملايين شخص يمثلون خليطا من الجنسيات والأعمار واللغات واللهجات وهو تجمع لامثيل له في العالم من كل الظروف ويختلف عن أي تجمع عالمي ماضيا وحاضرا.... فأكثر من ثلاثة ملايين شخص هم مختلفو الثقافات والأفكار والآراء واللون فيهم الرجل والمرأة والطفل.. وفيهم المريض والكهل.. وفيهم البصير والكفيف.. فيهم الأصم والأبكم.. فيهم العالم والأمي.. وفيهم من هو لأول مرة يغادر بلاده بل منهم من هو لأول مرة يغادر قريته !! هذه الأعداد المختلفة والمتنوعة من البشر التي تحضر في كل عام من شتى دول العالم بكافة الوسائل تسيرهم الإرادة الإلهية التي دفعت بهم من بلادهم إلى موقع جلهم لايعلم عنه شيئا قاصدين تأدية ركن من أركان دينهم العظيم وواجب عليهم أن ينجزوه في مساحة محدودة وفي ظرف زمني محدد قد لايتجاوز الأربعة أيام .. من هنا تتجسد صعوبة المهمة.. ومن هنا تتمثل عظم المسؤولية ومن هنا تكون أهمية الواجب لمن كلفهم ولي الأمر بشرف إدارة هذا الكم من الأعداد من البشر وفوق ذلك كله تأتي الصعوبة الأكبر لان المكلفين يضطلعون بمسؤولية دينية شرف الله هذه البلاد وقادتها بحملها وتأديتها أمام امة الإسلام قاطبة بكل أمانة وبكل اقتدار ولله الحمد جيلا بعد جيل.. ومن هنا كانت لذة النجاح كبيرة.. ومن هنا كانت الفرحة بنجاح مهمة الحج مختلفة.. ومن هنا تنبع السعادة.. ومن هنا يأتي السرور والفرح.. ومن هنا نرى المكلفين بهذه المهمة يتبادلون التهاني والتبريكات بنجاحهم في مسؤوليتهم بعد توفيق من الله لهم ولذلك تتجسد صور الفرح في نفس كل رجل امن كبيرا كان او صغيرا ممن أوكل لهم ولاة الأمر الثقة بالمساهمة في إدارة هذا الكم من البشر وتحقيق أعلى وأفضل الخدمات لهذه الأعداد من المسلمين لأنهم ضيوف الله في بيت الله الحرام ولأنهم ضيوف هذه الوطن.. هنيئا للمسلمين بهذا النجاح.. وهنيئا لهذا الوطن وقيادته وهنيئا لكل من وجّه ولكل من أشرف ولكل من أدار ولكل من عمل ولكل من شارك ولكل من ساهم في هذا المهمة التي توجها الله بتوفيقه من خلال هذا النجاح المميز الذي تحقق بفضل الله لحجاج بيته الحرام...