الاجتماع الذي تم في مجلس الشورى بين أعضاء اللجنة المالية في المجلس، وممثلي صندوق التنمية العقارية والمخصص لمناقشة تقرير الصندوق للعاملين الماليين 1426 - 1427ه 1427 - 1428ه، ونشرت بعض الصحف المحلية مقتطفات هامة مما تم استعراضه في ذلك اللقاء التمهيدي، الذي من المتوقع أن يتلوه مناقشة لما ورد في ذلك التقريرين من قبل كافة أعضاء المجلس بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، كشف في الواقع عن جوانب تستحق التوقف عندها لتأمل وتقييم ما أفرزته من آثار، وما أفضى إليه أغفالها من تبعات، كان يمكن تفاديها في وقت مضى، لا بل إن بقاءها مستمر إلى « الوقت الحاضر، هو ما يعزز من أهمية الإسراع في معالجة الأسباب التي تقف وراء نشأة وتزايد تلك الآثار والتبعات، والسعي لاستدراك ما بقي ولم تمتد له يدها. لقد ورد فيما نشر عن ذلك الاجتماع أن صندوق التنمية العقارية الذي حدد رأسماله المصرح به بنحو 91.8 مليار ريال، لم يبلغ رأسماله المدفوع حالياً سوى 86.3 مليار ريال، بفارق يتجاوز خمسة مليارات ريال عن المصرح به، كما أن تآكل جزء من رأس المال للصندوق بسبب عدم تسديد نسبة عالية من المقترضين للأقساط المستحقة عليهم ليتمكن الصندوق بالتالي من إعادة تدويرها إلى مواطنين آخرين على قائمة الانتظار، بلغ مقداره 37 مليار ريال، مما يستنتج منه أن 50% فقط من رأسمال الصندوق هو الذي يتم تدويره حالياً، أما النسبة المتبقية من رأس المال فهي إما لدى وزارة المالية كما يذكر ممثلو الصندوق، أو ديون هالكة لدى المواطنين المقترضين المتوقفين عن السداد، ويتضح كذلك أن النظام الذي يعمل بموجبه الصندوق من عام 1394ه مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود، ولم تطله يد المراجعة أو التطوير الجوهرية، وما جرى في هذا الإطار إن تم فهو لا يعدو بعض التعديلات في النواحي الإجرائية بالصندوق فقط، كما يتبين أيضاً من الاحصائيات التي نشرت متزامنة مع ذلك، إن الصندوق خلال الفترة التي سبقت عام 1428ه قد قدم أكثر من 500 ألف قرض، بقيمة اجمالية تزيد على 140 مليار ريال، إلا أنه مع ذلك لا زالت هناك قوائم انتظار من طالبي القروض من الصندوق، تساوي في عددها ما تم منحه من قروض في السابق، وبذات القيمة تقريباً من القروض التي تم صرفها من قبل، مما يعني أن الصندوق لو كان منذ البداية يعمل بموجب رأس المال المصرح به، ومن دون وجود أقساط متأخرة عن السداد من المقترضين لما كان بالإمكان ظهور قوائم الانتظار تلك التي نراها في الوقت الحاضر، والتي تتزايد نسبتها عاماً بعد آخر. إن تلك الأوضاع المالية والنظامية والتنظيمية والأداء الوظيفي للصندوق الناتج عنها، تستلزم في الواقع الالتفات بحد أدنى للنواحي التالية: أولاً: إعادة النظر في نظام صندوق التنمية العقارية بعد هذه المدة الزمنية الطويلة نسبياً، التي تخللتها العديد من المتغيرات والمستجدات في القطاعات المرتبطة بنشاط الصندوق، واقتراح البدائل لتطوير هذا النظام. ثانياً: أهمية بحث ودراسة امكانية تخصيص الصندوق وتحويله إلى مؤسسة إقراض لتمويل مشاريع الإسكان وبناء الوحدات السكنية، وليس للتنمية العقارية كما يوحي اسمه ولا يعبر عن وظيفته الفعلية على أرض الواقع، ليصبح شركة إقراض مساهمة تعمل على أسس تجارية تكون نصف أسهمها حكومية، والنصف الباقي يطرح للاكتتاب العام، تعطي الأولوية فيها للأفراد من المواطنين الذين لا يملكون وحدات سكنية على الإطلاق، بحيث توجه قروض هذه المؤسسة لذوي الدخل المتوسط منهم، وتحدد قيمة القرض وفقاً للدخل السنوي للمقترض، ولا تتجاوز العوائد على القروض 2%، يوزع نصف تلك العوائد السنوية على المساهمين الأفراد بعد خصم التكاليف التشغيلية للشركة، أما حصة الحكومة من تلك عوائد تلك القروض فتوجه لتمويل بناء وحدات الاسكان العام لإيواء أسر المواطنين الذين لا تكفي دخولهم للاقتراض من مؤسسات التمويل، سواء هذه أو غيرها. ثالثاً: بحث مدى إمكانية قيام الحكومة بشراء ديون الصندوق المستحقة على المقترض وإعادة جدولتها عليهم، أو اعطائهم مقابل تسديدها حصة من الأسهم الحكومية في الصندوق بعد تحويله إلى شركة إقراض مساهمة تعمل على أسس تجارية. ففي اعتقادي أن ذلك هو ما سيحقق الاستدامة للصندوق في أداء وظيفته بعد إعادة هيكلته ويشجع المقترضين منه على سداد المستحقات عليهم لأنها ستصبح جزءاً من العائد على مدخراتهم. ٭ أكاديمي وباحث في اقتصاديات التنمية الحضرية