عادت النساء في بغداد الى قيادة السيارات مجددا بعد التحسن النسبي في الاوضاع الامنية واختفاء المظاهر المسلحة والتهديدات التي مارستها مجموعات اسلامية متطرفة خلال الاعوام الماضية. وتقول منال حكيم ( 38عاما) التي تسكن حي العامرية (غرب) "واخيرا، اصبحت حرة بعد اكثر من عامين تخليت خلالها عن سيارتي المتوقفة في المرآب". وقد تعرضت منال لضرب مبرح دفعها الى التوقف عن قيادة سيارتها لان المتطرفين يعتبرون ان قيادة المرأة للسيارة من "المحرمات". وتضيف منال، وهي مدرسة في العامرية التي كانت من اخطر مناطق بغداد قبل ان تحررها قوات الصحوة من القاعدة، "كنت متوقفة في طابور للتزود بالوقود ففوجئت بمسلحين ارغموني على الترجل من السيارة قبل ان ينهالوا علي بالضرب امام الجميع، وهم يصرخون (لا تقودي السيارة مرة اخرى، والا ستقتلين لان هذا حرام )". وتؤكد "اصبت بصدمة لن انساها طوال حياتي". وتتابع منال، وهي ام لطفل في الخامسة من العمر، "لا نرى الا عددا قليلا من النساء وراء مقود السيارة في بعض الشوارع (...) لكن الاوضاع الامنية تتحسن خصوصا في الآونة الاخيرة، الامر الذي شجعني على قيادة سيارتي مجددا دون تردد". وقد عانت بغداد تدهورا مريعا في الاوضاع الامنية عندما سيطرت جماعات مسلحة متطرفة على عدد من المناطق حيث فرضت احكامها وقوانينها التي حظرت استخدام مساحيق التجميل وارغمت النساء على ارتداء الحجاب والنقاب فضلا عن منعهن من قيادة السيارة. وبعد انتفاء التهديدات، عاودت النساء قيادة سياراتهن فيما بادرت اخريات الى تلقي دروس من خلال مكاتب مخصصة لذلك. ويقول صادق جبوري السامرائي، رئيس "الجمعية العراقية للسيارات والسياحة" ان "احدى اهم فروع الجمعية هو تعليم القيادة (...) نعطي دورات تعليمية للرجال والنساء" مؤكدا "ازدياد اعداد المتدربات في الاونة الاخيرة". ويوضح السامرائي لفرانس برس ان "ازدياد اعداد المتدربات يعود الى تحسن الوضع الامني مؤخرا، بحيث بلغ عدد المتدربين عام 2008بلغ 143بينهم مئة امراة". ويضيف "لقد استقبلت 43رجلا وامراة العام 2006في حين استقبلنا متدربا واحدا فقط العام 2007". من جهتها، تقول شيماء ابرهيم ( 40عاما) "لقد عانيت كثيرا من الذهاب والعودة من العمل عن طريق سيارات الاجرة لانني كنت خائفة من القيادة في الشارع". وتتابع المدرسة التي تمارس مهنتها منذ 15عاما "كل هذا بسبب المتطرفين الذين منعونا من قيادة السيارات في حين كان مسموحا بذلك قبل العام 2003" في اشارة الى النظام السابق. وتضيف "لكن مع تحسن الحالة الامنية، تنامى شعوري بامكان الاعتماد على نفسي خصوصا وان الوضع الامني بات افضل مقارنة مع العامين السابقين (...) فقيادة السيارة جزء من تطوير الشخصية". بدورها، تقول رشا كاظم ( 21عاما) الطالبة في كلية الهندسة، "منذ دخولي الجامعة تمنيت امتلاك سيارة (...) لكن الاوضاع الامنية حالت دون ذلك وما ان تحسنت حتى سارعت بالتوجه الى تعلم قيادة السيارات". وتتابع "استخدم سيارة والدي حاليا، لكنني اطمح للحصول على سيارة حديثة مستقبلا". وتضيف الشابة "احيانا اجد صعوبة في قيادة السيارة بسبب الشوارع المزدحمة ومعظمها لا يزال مغلقا، ونقاط التفتيش ومرور المواكب العسكرية الاميركية التي تغلق الشوارع ولا تلتزم باشارات المرور". من جانبها، تقول هناء سلمان ( 40عاما) وهي موظفة محجبة ان "متطلبات الحياة تدعو الى تعليم المرأة التي تعمل في مجالات عدة، (...) قيادة السيارة امر بسيط يجب على النساء ان يتعلمنه". وتختم قائلة "اتولى ايصال اطفالي الى المدرسة يوميا، والاوضاع تسمح بذلك".