بعد أول تجربة لدخول سيدات الأعمال عملية الانتخاب داخل الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لاختيار مجلس الإدارة للدورة الخامسة عشرة، يصبح من الضروري أن نتوقف أمام دروس من هذه التجربة، نحلل نتائجها ونستخلص العبر منها، حتى نحقق الأهداف المرجوة من انخراط سيدات الأعمال في العملية الانتخابية، ولكي نعمق هذه الممارسة الحضارية لاختيار مجلس الإدارة. هذا المجلس هو الذي يتولى رسم سياسات وإدارة هذا الصرح الهام الذي يضم قطاع الأعمال، ويشكل مظلة يلتقي المنتمون إليه تحتها، يعبرون عن مشاكلهم وقضاياهم وهمومهم، ويقترحون الحلول الملائمة لها بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية التي تتخذ القرار المناسب الذي يحقق المصلحة العامة، وينهض بأداء دور القطاع الخاص ويزيل العقبات التي قد تعترض طريق انطلاقه وتقدمه نحو المزيد من الرقي والتطور. وبودي أن أشير إلى أن التجربة النسائية الأولى في انتخابات مجلس إدارة غرفة الرياض لم ترق إلى مستوى الطموح الذي تصبو إليه نفوس قطاع عريض من سيدات الأعمال، وفي تقديري أن المحصلة النهائية لتلك التجربة لم تكن مرضية أو مواكبة للتطلعات والطموحات التي كنا نعلقها على تلك الممارسة الحضارية، وأرجعها لسبب رئيسي يتمثل في ضعف المشاركة النسائية في عملية التصويت. فمن واقع إحصاءات المشاركة الانتخابية تبين أن عدد الأصوات النسائية المشاركة في الانتخابات التي استمرت "لمدة يومين" لم يتجاوز 58 سيدة أعمال من ضمن نحو 5 آلاف سيدة يملكن عضوية الغرفة، ومنهن نحو 0062 سيدة يحق لهن التصويت وفق الضوابط والنظم التي تم تطبيقها على الأعضاء كافة من رجال وسيدات الأعمال، والتي أعلنت للجميع وتمت بإشراف من اللجنة التي شكلها معالي وزير التجارة والصناعة للإشراف على كافة مراحل العملية الانتخابية. والحقيقة أن حجم المشاركة النسائية في هذه الانتخابات شكل صدمة كبيرة للكثيرين من سيدات الأعمال، ليس المرشحات فحسب، وإنما كذلك المتابعات للشأن النسائي العام، فكيف تكون تلك هي حجم المشاركة؟ ومن أين لنا أن نختار من يمثلنا إن نحن لم ندل بأصواتنا؟ وأليس غريباً أن تفرط سيدات الأعمال بتلك الفرصة التاريخية التي لاحت لهن لأول مرة في غرفة الرياض، كي يسجلن خطوة جديدة للأمام في ميدان المشاركة جنباً إلى جنب مع رجال الأعمال في إدارة شؤون قطاع الأعمال بالرياض من خلال التمثيل الملائم في مجلس الإدارة؟ وأليست سيدات الأعمال الأقدر على تمثيل بنات جنسهن في عالم المال والتجارة؟ تساؤل آخر كيف تحصل إحدى المرشحات على 877 صوتاً، بينها فقط 58 صوتا نسائياً، هي مجموع من شارك من سيدات الأعمال بينما الباقي هي أصوات لرجال الأعمال؟ أما كان من الأولى أن تكون أصوات سيدات الأعمال هي الأكبر عدداً، بل والقادرة على تحقيق الفوز لمرشحة أو أكثر بدلاً من عدم التصويت؟ والآن، وبعد أن انتهت التجربة الأولى، وخلا تشكيل مجلس الإدارة من أي سيدة أعمال، حتى بعد أن جاء تعيين معالي وزير التجارة لثلث أعضاء المجلس خالياً من التمثيل النسائي، فإن قطاع سيدات الأعمال مطالب بأن يعيد دراسة هذه التجربة، ويستخلص منها الدروس المستفادة، لذا على سيدات الأعمال أن يعددن العدة لتلافي السلبيات في التجربة القادمة إن شاء الله، وأن يعزمن على تكثيف المشاركة والتصويت لمن يثقن في أنهن الأكثر خبرة وكفاءة وقدرة على تمثيلهن في المجلس وألا يفرطن في فرصهن. لكني أود في النهاية أن أؤكد أن مجيء مجلس الإدارة خالياً من التمثيل النسائي، هو ليس نهاية العالم، وإن أردنا التغيير فعلينا أن نسلك الطريق المؤدي لتحقيق الغاية، ولا ننسى أنه على الرغم من أن المجالس السابقة كانت قاصرة على رجال الأعمال، إلا أن الصوت النسائي لم يكن غائباً، وكانت المقترحات التي تعبر عنها سيدات الأعمال تصل إلى المجلس بل وإلى الجهات الحكومية المعنية، بوسائل وقنوات عدة، وهذا ما كان شغلي الشاغل ومازال من قبل تأسيس الفرع النسائي للغرفة عام 4002م، ثم من خلال عملي كرئيسة للمجلس التنفيذي للفرع النسائي بعد تأسيسه، وهذا بالقطع هو ما سنواصل السير عليه. * رئيسة المجلس التنفيذي للفرع النسائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض