يروي أحد الأصدقاء أنه أرسل أسرته إلى المملكة، وظل وحده في فرنسا لمدة شهرين، ليتفرغ لعمله الأكاديمي. عاد بعدها ليرى أهله. حمل معه بعض الهدايا. أعطى ابنه الكبير هديته. انتظر الأب أن يسمع كلمة شكراً. لكن الابن أخذ الهدية ومضى. ناداه أبوه. لماذا لم تقل شكراً كما كنت تفعل في فرنسا؟ قال الابن: "هنا ما يقولونها" ويروي نفس الصديق أن أحد أقاربه كان عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلما خرج في جولة من جولاته تلقى أكثر من قبلة على حبينه من أكثر من رجل. يحدث هذا دائماً. سألت صديقي: كيف؟ قال: كان يستر على الناس.. وكلما عبر شارعاً قبّله أحدهم على رأسه أو جبينه. وظل ستراً ورحمة إلى أن زوّدوه ببعض الشباب من جيل "الصحوة". حاول أن يستمر في ذلك السلوك، لكنهم كانوا يقاطعونه، عندها. فضّل التقاعد على ما يسميه - التفتفة - . تقاعد ساتراً مستوراً إلى أن توفاه الله. وقد جعل الناس في تلك المدينة من تقاعده حداً فاصلاً بين الستر والفضيحة. وعندما قلت لهذا الصديق إنني سأشير لاسمه قال مثل قريبه المرحوم "استرنا". قلت له إنها الفضيحة التي نحلم بها. تلك التي يجب تعميمها وتعليمها. ردّد بصوت خفيض: استرنا.