نظرية هدف الايرادات (رفنيو تارقت) واحبانا تسمى نظرية منحنى العرض المرتد الى الوراء (باك وورد سبلاي كيرف) تم تطويرها منذ منتصف السبعينات الى اواخر الثمانينات من عدة باحثين - كل على حدة - في مراكز وجامعات مختلفة وكل باحث منهم يدّعي انه توصل الى نظريته من غير أن يطّلع على بحوث الباحثين الآخرين - وهذا ربما يكون صحيحا - لأن النظرية كما قلنا انها وصف دقيق لحالات تاريخية تكرر حدوثها في الواقع ولذا فإن توارد الخواطر فيها وارد. النظرية تقوم على حقيقتين هما: الحقيقة الأولى هي: ان دول اوبك دول فقيرة وأن المصدر الوحيد لإيرادات ميزانيات حكومات دول اوبك هو: الأموال التي تحصل عليها لقاء مبيعات البترول. الحقيقة الثانية هي: عند اعداد الميزانية تضع دول اوبك تقدير ايراداتها على افتراض أنها ستبيع عددا معينا من براميل البترول (عادة: مقدار حصتها في اوبك) بمعدل سعر معين للبرميل ثم تضرب العددين في بعضهما وتعلن الناتج على انه مقدار ايرادات ميزانيتها للسنة القادمة. مثال: اذا كانت حصة دولة في اوبك مليون برميل في اليوم وأنها تتوقع أن يكون متوسط سعر البرميل ستين دولار فإن مقدار ايراداتها التقديرية في السنة هي: ثلاثة واربعون مليارا وثمانمائة مليون درهم (على اساس سعر صرف الدولار = 2 درهم). بعد نشر الميزانية في وسائل الإعلام تصبح وثيقة تلتزم الدولة بتنفيذها خلال العام ولكن لو حدث أن انخفض معدل سعر البرميل من ستين الى: 55 دولارا ثم الى: 50 دولارا ثم الى: 45 دولارا سيصبح منحنى عرض بترول هذه الدولة كي تحافظ على ايراداتها كما اعلنتها ثابتة عند مبلغ ثلاثة واربعين مليارا وثمانمائة مليون درهم كالتالي: هكذا كما هو واضح من الجدول أعلاه أن هذه الدولة لابد أن تزيد انتاجها (أي الكمية المعروضة من بترولها للبيع) كلما انخفض سعر البرميل كي تحافظ على ايراداتها التي التزمت بها في الميزانية ثابتة عند مبلغ ثابت قدره: 43.80 (ثلاثة وأربعين وثمانية اعشار) مليار درهم. كل المطلوب الآن من المتخصصين في الاقتصاد هو : أن يقوموا برسم الرسم البياني (الذي اعتادوا ان يرسموه كل يوم في كراريسهم) للسوق ويكتبون في خطه الرأسي السعر ويكتبون في خطه الأفقي الكمية ثم يضعون الرقم المزدوج للسعر والكمية (الواردة في الجدول أعلاه) في نقاط في الرسم ليحصلوا على منحنى عرض بترول (دولة من الاثني عشرة دولة - بلا استثناء - في اوبك سواء كانت من الصقور كفنزويلا وايران أو من الحمايم كالمملكة والامارات في منتصف الثمانينات وأواخر التسعينات عندما انهارت اسعار البترول الى أقل من عشرة دولارات للبرميل). اولا يجب أن نعرف أن هذا النوع من انواع منحنيات العرض لا يوجد في أي سوق من الأسواق غير سوق البترول وثانيا رغم أنه قد يرى البعض أن مثل هذا الموضوع ربما لايهم القارئ العادي الا - لا شك - أنه: في صلب الثقافة البترولية التي يجب ان تلم به حكومات (والمستشارون الاقتصاديون في) دول اوبك حتى لا تتكرر مأساة انهيار أسعار البترول. الشيء المهم هو : كيف ومن أي سوق من الأسواق الثلاث (السوق الفوري أو سوق العقود أو سوق الورق) يمكن ان تنطلق الشرارة الأولى للانهيار فتسري سريان النار في الهشيم الى السوقين الآخرين؟ الجواب : السيناريوهات عديدة وسنذكر بعضها - ان شاء الله - في الأسبوع القادم.