كانت الصغيرة قد كبرت.. وكان ذلك حدثاً تاريخياً (بوجهين).. فهو مبهج لطبيعتها كأنثى من وجه.. وعبء على تلقائيتها وانطلاقها الطفولي من الوجه الآخر.! - "البنت كبرت وصارت عروس".!. قالوها قبل أن يحزم عريسها (المنتظر) حقائب السفر.! قالت: "يعني من قلة اللّي كبروا وصاروا عرسان وعرايس"؟!. "ما أكثر (المتزوجين) حين تعدهم، ولكن أكثرهم.." قالتها وهي تنظر بحميمية الى ألعاب الصغر التي لا تزال تحتفظ بها من ثلاثة عقود، كل عقد (يعقّد).! طوءق (الهيلاهوب) الذي كانت تعبر به - دون أن يسقط عن خصرها - وهي تخطر من باب بيتهم الى الدكان، تتجنب بمهارة - فوق العادة - الاصطدام ببيّاع (الدندرمة) أو (مصلّح دافور القاز) او السقايين، قبل أن تجري المياه في شرايين (المواسير).. وقبل ان تمخر (الوايتات) بحر الناس، طفحت بهم الشوارع.! @@@ حينما نكبر نكسب أشياء يفرح بها الآخرون.. ونخسر أشياء أخرى، يستحيل أن نستعيدها إلا في الذاكرة.!. أفلام (أبيض وأسود).. ولكنها وثائق صادقة لملامح زيفتها الألوان الصاخبة، التي تبهر العيون، وتعصف باشياء أخرى.! @@@ ارتفع صوت (الراديو): - "غاب القمر ياابن عمي".! وابن عمها هذا ذهب الى طرف الكرة الأرضية الشمالي.. الى أرض غير الأرض.. وناس غير الناس، وجد فيها نصفاً أكمل به شخصيته (الكرتونية) قص ولصق.! ونظرت الى صورته (القديمة).. شردت للحظات، وابتسمت: - "فوزية زي أختي ياناس.. حلوة.. ما قلنا شي مؤدبة.. برضه ما قلنا شي.. يمكن هيّا الأدب كله.. والجمال والخفة.. لكنها برضه زي أختي".! @@@ هزت رأسها.. وابتلعت ريقها.. وشربت آخر مقلب في (فارس الأحلام) المطوّر الذي خرج في اليوم الأغبر، ولم يعد.! "لا هو أخذها.. ولا تركها لمن سبقه اليها.. كأنها (بيت وقف) آيل للسقوط.. ينظر اليه الورثة من بعيد.. ويُترك ليتهدّم (على أقل من مهله).!