أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي أن المؤتمر السنوي السابع للمؤسسة "فكر 7" يتعرض لأخطر القضايا والتحديات التي تواجه عالمنا العربي في الوقت الراهن وهي المتمثلة في فجوة العلم والثقافة بين العرب وبين غيرنا ممن وجد طريقه إلى التقدم وذلك من خلال عنوانه الرئيسي وهو "ثقافة التنمية" الذي يصف المشكلة العربية. وقال سمو الأمير خالد الفيصل ، في كلمته أمس لدى افتتاح المؤتمر السنوي السابع لمؤسسة الفكر العربي "فكر7" والذي يعقد تحت شعار "ثقافة التنمية" وبحضور وزير التعليم العالي المصري الدكتور هاني هلال نيابة عن الرئيس حسني مبارك : إن هناك علاقة وثيقة بين تلك الفجوة وغياب ثقافة التنمية، مشيرا إلى أن أهل الاختصاص أكدوا أن تلك الفجوة نشأت بفعل التناقض الحاد بين ثقافة التنمية على الجانبين في العالم العربي وغيرنا من المجتمعات التي سبقتنا في التقدم. وأضاف : أن كل مواطن وكل مسؤول في المجتمعات المتقدمة يعتبر نفسه شريكا أصيلا في صناعة المشروع التنموي والحفاظ على مقوماته بينما الفكر الغالب عندنا أنه يرمي كل بالمسؤولية على عاتق الآخر". وقال سموه :إن حل تلك المشكلة يتطلب إحداث تغيير في المفهوم الشامل وتحفيز التضافر بين جهود أفراد المجتمع ومؤسساته للقضاء على تعثر التنمية وقصورها والانطلاق بها إلى آفاق الشمولية والتوازن والاستدامة على قاعدة الشراكة الجماعية". وأضاف أنه "في إطار اهتمام المؤسسة الدائم بقطاع الشباب لكونها الأكثر تعدادا في مجتمعاتنا والمعول عليه لتحمل مسؤولية المستقبل، خصص المؤتمر يوما كاملا لمقهى فكري جمع عشرات الشباب العربي مع نخبة من المفكرين والمسؤولين في حوار صريح حول القضايا الراهنة وآفاق المستقبل، كما انعقد مقهى آخر للتعليم موضوعه الرئيس هو المدرسة كمنبع تربوي". وأكد الأمير خالد الفيصل أن قطاعي الشباب والتعليم هما الأكثر قدرة على تفهم ثقافة التنمية ونشرها، مشيرا في الوقت ذاته إلى إصدار المؤتمر تقرير التنمية الثقافية الأول في العالم العربي وفاء بوعد مؤسسة الفكر العربي بإصداره سنويا. وقال الأمير خالد الفيصل:إن مشروعنا لنشر ثقافة التنمية قد يواجه بعض التحديات والإشكاليات، مثل المواءمة بين التطوير والهوية وتمكين المرأة مع الحفاظ على التقاليد وما شابه ذلك". وأضاف : لكننا سوف نجد في رسالات السماء الداعية للتطوير وفي قيمنا التي فرضت لنا زمنا حضاريا في التاريخ ما يساعدنا على قبول التحدي وتخطي المأزق على خلفية هذين المرجعيين". ووجه سموه الشكر لجمهورية مصر العربية، حكومة وشعبا، على استضافة المؤتمر، كما شكر الرئيس المصري حسني مبارك الذي قدم كل الدعم للمؤسسة حينما قام سموه بعرض فكرة إنشائها عليه منذ ما يزيد عن 7سنوات ولرعايته الكريمة لمؤتمريها الأول والحالي. ومن جانبه ، نقل وزير التعليم العالي المصري والدولة للبحث العلمي الدكتور هاني هلال تحيات الرئيس حسني مبارك الى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي والى أعضاء مؤتمر "فكر 7". وأعرب الدكتور هلال ، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الرئيس المصري حسني مبارك في افتتاح أعمال المؤتمر ، باسم الرئيس مبارك عن بالغ الترحيب والحفاوة بضيوف مصر الكرام من الدول الشقيقة والصديقة وأطيب التمنيات بدوام التوفيق والسداد وللمؤتمر كل النجاج في تحقيق أهدافه المنشودة وأن تعود نتائجه بالخير والرفاهية على وطننا العربي. وأعرب هلال عن سعادته باستضافة مصر لهذا المؤتمر التي يعقد تحت رعاية الرئيس حسني مبارك ويشهد فعالياته حشداً من أصحاب السمو الأمراء والسعادة الوزراء والسفراء العرب ونخبة من العلماء والخبراء والمبدعين من الدول العربية والصديقة. وأشاد وزير التعليم العالي المصري في كلمته بمؤسسة الفكر العربي وماحققته من نجاحات ملموسة تتجلى أكثر ما تتجلى في هذا الالتفاف حوله من العلماء والمفكرين والمبدعين العرب وحجم الانجازات التي حققتها المؤسسة في فترة وجيزة من عمر الزمن ، معتبرا أن ذلك يمثل دليلا قاطعا على مايمكن أن يحققه الامتزاج الايجابي بين الفكر ورأس المال، داعيا مؤسسات التنمية في العالم العربي الى أن تحذو حذو مؤسسة الفكر العربي. وأعرب هلال عن فخره واعتزازه بوجود نخبة من رجالات الفكر والعلم في وطننا العربي يجعلون نهضته وتقدمه همهم الأول وتتضافر جهودهم واعمالهم لتصب في بوتقة واحدة وهي تحقيق الرفاهية لكل مواطن عربي والسعي الحثيث نحو تحقيق مجتمع عربي حديث يكون العلم محور تحركه للأمام والتمسك بالقيم والتقاليد والأعراف النبيلة. وقال هلال: إن عنوان مؤتمركم يجمع أهم ماتحتاج إليه الأمة العربية في المرحلة الراهنة والمستقبل القريب ،فثقافة التنمية أصبحت أكثر مقومات النهضة إلحاحا وأسمى الغايات التي تسعى بلادنا حكومات وشعوبا الى تحقيقها. وأكد وزير التعليم العالي المصري أن الأمة العربية تمتلك مقومات التعاون المشترك والتقدم والتنمية من امكانات مالية وموارد وثروات من ناحية وقاعدة هائلة من العلماء والمفكرين والمبدعين في شتى المجالات داخل الوطن وخارجه "وهذان هما جناحا أي عملية للتنمية". وأوضح هاني هلال أننا جميعا لدينا نية صادقة في اللحاق بركب التقدم الإنساني وأن الإنسان العربي مهيأ اكثر من ذي قبل لخوض معركة النهضة والتنمية والمشاركة الايجابية في مسيرة الحضارة الانسانية والتقليل من السلوك الاستهلاكي الى السلوك الإنتاجي التنموي، مؤكدا على ضرورة أن يدرك العالم أن الأمة العربية التي كان لها انجازات عظيمة في بناء الحضارة الإنسانية وحمل مشعلها قرونا من الزمان مازالت قادرة على إنجاب المواهب والكوادر المتميزة التي تستطيع أن تعيد بلادها الى سيرتها الأولى وأن تستعيد مكانتها اللائقة في النسيج الانساني. وقال هلال : إننا جميعا لدينا قناعة بأن ثقافة الجودة هي الطريق الى المستقبل ولكنها تحتاج الى مايجعلها عملا متكاملا يكون الفرد فيه لبنة في بناء متكامل يسهم في رفع البناء وتقويته، وهذا مايؤكد اهمية تحقيق المزيد من التعاون على مستوى الحكومات والمؤسسات والشعوب لتتكامل المنظومة ويتحقق مانصبو اليه من تطلعات. ودعا المؤسسات التعليمية والبحثية بما تضمه من علماء وباحثين ومبدعين الى التوجه بجانب اكبر من ابداعات ابنائها مباشرة الى قطاعات الانتاج والخدمات غير الحكومية لتحقيق شراكة استراتيجية كهذه التي يحققها نموذج مؤسسة الفكر العربي، مشيرا الى انه في ظل التحديات المعاصرة وما يشهده عالمنا من تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية وعلمية، لم يعد الدور الحكومي وحده قادرا على دفع عجلة التنمية في العالم العربي، واصبح تقدمنا رهنا بمدى مشاركة كافة فئات المجتمع العربي في العمل التنموي افرادا وهيئات ومؤسسات. ووجه وزير التعليم العالي المصري في ختام كلمته خالص الشكر والتقدير لمؤسسة الفكر العربي وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل والذي كان له شرف الاشتراك مع سموه في اول اجتماع لتأسيس مؤسسة الفكر العربي والذي عقد في باريس بمعهد العالم العربي عندما كان مستشارا ثقافيا بالسفارة المصرية في باريس. وكان الدكتور سليمان عبد المنعم الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي قد أشار في كلمته الافتتاحية لأعمال المؤتمر الى أن المؤسسة تعقد مؤتمرها السنوي كل عام في إحدى العواصم العربية، وقد اختارت القاهرة لاستضافة المؤتمر الحالي تحت رعاية الرئيس المصري حسني مبارك. حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري، ووزيرا الكهرباء والبيئة الدكتور حسن يونس وماجد جورج، والدكتور فاروق الباز العالم المصري العالمي، بالإضافة إلى السفير هشام ناظر سفير المملكة العربية السعودية لدى القاهرة، ولفيف من كبار المسؤولين المصريين، وأعضاء مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي.