وفقا لما أظهرته نتائج أحدث دراسة اقتصادية حول العقار (نشرتها الرياض الاحد الماضي) فان المملكة شهدت تضخما غير مقبول في ارتفاع الإيجارات هذا العام 2008بلغ أكثر من 20% وهو رقم يسهل ترجمته حين نعرف ان المستأجر بعشرة ارتفع ايجاره الى اثني عشر والمستأجر باربعين وجد نفسه مضطراً لدفع خمسين، والحقيقة اني أعرف مستأجرين تخطت نسبة الزيادة عندهم ال20% بكثير، والمشكلة ان الملاك حينما يطالبون مستأجريهم بالزيادة يردفون طلبهم بعبارة (اقبل أو ارحل) فالطلب كبير والمعروض قليل والمملكة ترجح فيها كفة عدد المستأجرين على كفة عدد الملاك في الميزان العقاري، ولا توجد قوانين وأنظمة واضحة توقف المالك عند حدود معينة لا يتجاوزها، بل الأمر متروك لمزاجه وحريته وتقديره الشخصي لعقاره وبالتالي لايجاراته . هذا هو الجانب العلمي العملي الموثق بالاحصائيات، لكن للأمر جانباً آخر لايقل عنه اهمية وهو الجانب الانساني الذي يتم التعامل فيه مع المالك والمستأجر عليأانهما بشر لكل منهما حياته وظروفه ومدخوله ومجالات صرفه. فالمستأجر موظف يعاني أصلا من ارتفاع الأسعار وتعدد مجالات الإنفاق الشهري وزيادة كمية وأرقام الفواتير الشهرية، يعاني من راتب يكاد يكون ثابتا إلا من زيادات طفيفة بعيدة، وعليه أن يتابع حياته مع مؤشر سلع الخضار والفاكهة والتهاب فواتير الكهرباء والهاتف وتذبذب أسعار الذهب وانخفاض سعر البترول وانهيار الاقتصاد العالمي وعليه ان يزيد إيجاره بضعة آلاف وهو ساكت قانع يسأل الله الصبر والسلوان. والمالك يعيش في نفس التوقيت بنفس الظروف فواتيره كبيرة ومصاريفه متزايدة وما كان يشتريه بريال أصبح بعشرة ومن حقه وهو صاحب عقار ان يعوض المصاريف بالمزيد من الإيرادات عبر العقار الذي يمتلكه. إنها علاقة بحاجة إلى تحكيم، ولقد افادت الدراسة ايضا بأن نظاما جديدا ينظم علاقة المالك بالمستأجر تحت الدراسة حاليا والحقيقة ان هذا القانون نسمع عنه منذ دهور ولم يخرج حتى الآن للنور، وحتى يخرج فإن على المستأجر ان يتحمل ويقبل ويدفع والا اضطر لتغيير سكنه ومدارس أولاده وطلب نقله من عمله ونقل زوجته من عملها وقبل صاغرا بمستوى سكني اقل يورثه الضيق ومزيداً من الهمّ. قضية الإيجارات في المملكة بحاجة الى وقفة جادة وحازمة ومعايير واضحة ومقاييس تراعي كافة المعطيات حتى لو تغير نظام التأجير ليصبح شهريا بدلا من سنويا وليصبح متوافقا مع المنطقة السكنية وحجم العقار وعمره وشكله والخدمات المتاحة حوله. والأهم أن يكون متوافقا مع الراتب فلا يعقل ان يدفع الموظف المستأجر أكثر من نصف راتبه سكناً ثم يستدين ليكمل حاجاته اليومية وحاجات أسرته طيلة الشهر.