وصل إلى العاصمة الفرنسية وفد قضائي سعودي برئاسة صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس فريق التحكيم السعودي في زيارة تاريخية لعقد دورة تطبيقية عملية في محكمة النقض العليا في باريس وكبريات المحاكم الفرنسية. وهذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها النظامان القضائيان في البلدين على أرض الواقع داخل أروقة المحاكم. وفي لقاء جمع سمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد وهذه النخبة من القضاة الشباب مع بعض الصحفيين العرب قال سموه في بداية حديثه - وهو الذي رتب هذا اللقاء وأشرف عليه - إن فكرة التعاون بين النظامين القضائيين السعودي والفرنسي بدأت منذ عامين. وهنا - تعود بنا الذاكرة إلى لقاء في "الرياض" مع نائب وزير العدل الفرنسي يومها - السيد القاضي كريستيان ريسيجي أثناء زيارته للمملكة قبل عامين تحديداً الذي صرح بالاتفاق بين البلدين على تنظيم زيارات متبادلة للخبراء والقضاة. وقد أشاد سموه بالجهود التي بذلها الدكتور أحمد فهد المارك المستشار بوزارة الخارجية في باريس من أجل الإعداد لمثل هذه اللقاءات وتقديمها بالصورة اللائقة في إشارة إلى دور وزارة الخارجية في المملكة في هذا الجانب. وقال سمو الأمير بندر بن سلمان ان عدداً من القضاة الفرنسيين سيأتون إلى المملكة في دورات مماثلة لهذه الدورة مشيراً وبالأدلة إلى أن الأنظمة الوضعية لم تصل بعد إلى حلول مماثلة لما تقدمه الشريعة الإسلامية في بعض الميادين وبالتالي فإن المسألة تندرج في إطار تبادل الخبرات. وحين سئل سموه عن كيفية التوفيق بين نظامين مختلفين من حيث المصدر أجاب بأن القراءة التاريخية تؤكد على أن القانون الفرنسي استمد كثيراً من نصوصه من الفقه المالكي.. ثم إن الاجتهاد في الإسلام يمثل النسبة الكبيرة من أحكام القضاء وبالتالي فهم يجتهدون ونحن نجتهد بهدف التلاقي لمعرفة ما يخدم الطرفين في مواكبة التطور الإنساني. وبدا سموه سعيداً وهو يخبرنا بأن محكمة النقض العليا الفرنسية بدأت بنشر أحكامها باللغة العربية بناء على اقتراح سعودي وفي هذا المشروع ما يخدم أطراف القضاء في العالم العربي والإسلامي لما تمثله هذه المحكمة من أهمية وأضاف سموه ان اللغة العربية جاءت ثالثة على موقع المحكمة بعد الانجليزية وقبل غيرها من اللغات العالمية. وقد تناول الحديث مع سموه ومع أصحاب الفضيلة القضاة جوانب عديدة حول التغيرات التي يقودها خادم الحرمين الشريفين في المملكة وحول حقوق الإنسان والمرأة تحديداً.. وحول إمكانية توحيد الفتوى في مصدر واحد هو مفتي المملكة وأن ما يصدر عن غيره من فتاوى ليس إلا مجرد آراء. وفي هذا الصدد قال سموه: لو أسكتنا أحداً لكنتم أول المحتجين على قمع حرية التعبير وبالتالي فإنه من الحوار يولد النور - أو هكذا. وحول المعايير التي تم على إثرها اختيار هذه المجموعة من القضاة قال سموه انه ليس هناك من معايير محددة.. ولكن المسألة لم تكن عشوائية أيضاً وقد أبدى عدد من القضاة الذين تحدثوا معنا عن تكوين علمي وثقافي وإنساني كبير مما يؤهلهم فعلاً لأن يكونوا نماذج رفيعة في الحوار مع نظرائهم الفرنسيين بل وحتى مع الجمهور الفرنسي والغربي عموماً. وهنا قائمة بأسماء القضاة المشاركين في الوفد ومراكزهم: الشيخ محمد بن ناصر الجربوع رئيس الدائرة التجارية السابعة بديوان المظالم بمنطقة الرياض، والشيخ عبيد بن عوض العمري رئيس الدائرة التجارية الثلاثين بديوان المظالم بمنطقة مكةالمكرمة، والشيخ مقرن بن إبراهيم المقرن رئيس الدائرة الفرعية الخامسة عشرة بديوان المظالم بمنطقة الرياض، والشيخ الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الصقيه القاضي بالدائرة التجارية الثانية بديوان المظالم بمنطقة الرياض، والشيخ محمد بن صقر القحطاني رئيس الدائرة الفرعية الخامسة والثلاثين بديوان المظالم بمنطقة عسير، والشيخ زياد بن عبدالمحسن العجيّان القاضي بالدائرة التجارية الثالثة عشرة بديوان المظالم بالمنطقة الشرقية، والشيخ بندر بن سعد العريفي رئيس الدائرة الفرعية الرابعة بديوان المظالم بمنطقة الرياض. ويشتمل البرنامج التاريخي على لقاءات مهمة بدأها الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود بلقاء مع رئيس محكمة النقض وهي أعلى سلطة قضائية في فرنسا وبحضور القضاة السبعة السعوديين في مكتب الرئيس. كما يشمل البرنامج زيارة للفروع الأساسية لمحكمة النقض ولوزارة العدل الفرنسية والمحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف والمحكمة التجارية، ولقاء مع مندوب العلاقات الدولية في قضاء مجلس الدولة، وزيارة للبرلمان الفرنسي وقاعات الجلسات فيه، ولقاء مع الوسيط الجمهوري الذي يتابع سير المنازعات بين المواطنين والأجهزة الإدارية الحكومية ثم يختتم القضاة زيارتهم بلقاء مع رئيس قسم الشؤون الأوروبية والدولية بوزارة العدل حيث يتم التقييم الختامي لهذه الدورة.