سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزراء المالية الخليجيون يؤكدون سلامة أنظمة الرقابة المصرفية والمالية الخليجية رغم صرامتها اتفقوا على توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الجاري
أكد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية ومؤسسات النقد بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال اجتماعهم الاستثنائي أمس بالرياض ثقتهم باستقرار القطاع المالي الخليجي لما يتمتع به من ملاءة ومتانة والأوضاع الاقتصادية المحلية الجيدة، إضافة إلى قدرته على التعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية، متوقعين استمرار نمو اقتصادات دول المجلس بمعدلات جيدة مع استمرار مخصصات الإنفاق على المشاريع التنموية للدول الأعضاء وتسارع وتيرة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية. وقالوا إن أنظمة الرقابة المصرفية بدول المجلس تعمل بكفاءة عالية، وتقوم بدور كبير في حماية وسلامة النظام المصرفي الذي يتمتع بدرجة عالية من السيولة وكفاية رأس المال، كما شددوا على ضرورة الاستمرار في توطيد القدرات الرقابية على القطاع المالي في التعامل مع المستجدات والتطورات، فضلا عن تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية لمراقبة تطورات الأزمة المالية العالمية، معبرين عن ارتياحهم لما اتخذته دول المجلس من إجراءات للتعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية والاستعداد لاتخاذ أية إجراءات إضافية، إضافة إلى ما صدر عن اللجنة النقدية والمالية الدولية ومجموعة العشرين من تأكيد على اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة الأزمة المالية الراهنة. وقال يوسف حسين كمال وزير المالية القطري رئيس الدورة الحالية إن الاجتماع ناقش الأزمة المالية العالمية ووجدوا أن القطاع المالي بدول الخليج متين وقوي، كما أن الأوضاع المالية المحلية جيدة، مبينا أن دول المجلس لديها القدرة على التعامل مع الآثار المحتملة للأزمة بما اتخذ من إجراءات. وأكد وزير المالية القطري أن الأنظمة الرقابية المصرفية بدول الخليج تعد من أفضل الأنظمة على مستوى العالم، خاصة أن دول المجلس تلتزم بمعيار بازل 2وهو نسبة المخصصات إلى الديون ونسبة ملاءة رأس المال إلى نسبة القروض والتي تعد جيدة ولها دلالات أنها في وضع جيد جدا. وأوضح أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المصارف المركزية الخليجية منذ فترة طويلة جدا أثبتت صحتها خلال الأزمة الحالية. وذكر أن المملكة هي ممثل دول المجلس في اجتماعات مجموعة العشرين وستقوم بنقل وجهة نظر مجلس التعاون في الاجتماعات التي ستعقد بداية الشهر المقبل. وأفاد الوزير القطري أنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام الجاري، نافيا أن يكون هناك توجه لإيقاف عقد أي اتفاقيات مع الدول والمجموعات الاقتصادية التي تأثرت جراء الأزمة المالية العالمية. ولفت إلى أن الأزمة المالية العالمية لن تؤثر على مسار الاتحاد النقدي وأنه يسير حسب الإجراءات التي اتخذتها الدول الأعضاء في المجلس، مضيفا "نحن بحاجة إلى اتخاذ الإجراءات الخاصة بتنسيق السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية"، لافتا إلى أن الوضع الحالي يؤكد ضرورة وجود عملة خليجية موحدة وبنك مركزي خليجي. وقال إن دول الخليج أثبتت للعالم سلامة أنظمة الرقابة المصرفية والمالية الخليجية ورغم صرامتها فإنها هي التي أنقذت دول الخليج من الأضرار التي نتجت جراء الأزمة المالية العالمية، وأن ذلك سيظهر جليا خلال الفترة القريبة المقبلة، مبينا أن هذه الأنظمة ستساهم في رفع معدلات الاستثمار الأجنبي في المنطقة. وأظهرت مذكرة سرية حصلت "الرياض" على نسخة منها أن الأسباب الجوهرية للأزمة المالية العالمية هي أن قيمة الأصول المالية لا تعكس واقع الاقتصاد الحقيقي في أمريكا، وتحجيم دور الجهات الإشرافية في القطاع المالي، وارتفاع نسبة الانفتاح المالي وانخفاض نسبة الانفتاح الرقابي. كما تطرقت المذكرة إلى منافذ الأزمة المالية العالمية على اقتصاد دول المجلس، والذي يخضع إلى درجة الانفتاح الاقتصادي مع الدول المتأثرة مباشرة بالأزمة، حيث إن مستوى التبادل التجاري بين الدول التي تشكل مصادر للأزمة وبين دول المجلس يحكم بدرجة أو بأخرى حجم تأثر الاقتصاد الخليجي الحقيقي بتبعات الأزمة في منشئها، إذ إن تراجع الاقتصاد الأمريكي والأوروبي يؤثر سلباً على ميزان المدفوعات في دول المجلس، وهذا يعني تراجعا في النشاط الاقتصادي في قطاعات التصدير وبعض القطاعات الخدمية. كما أن حرية انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية للدول المتأثرة بالأزمة في دول المجلس أيا كان حجم هذه الاستثمارات التي تتبع الدول التي نشأت بها الأزمة فإنها قد تقع تحت وطأة الحاجة إلى تسييل أصولها المالية في دول المجلس لتغطية الثغرات في مراكزها المالية، وفي حال استمرار الأزمة وتفاقم الوضع بصورة أكبر فإن الاستثمارات طويلة الأجل قد تكون عرضة للتصفية في أسوأ الأحوال، كما أن من منافذ وصول العدوى المالية طبيعة وأحجام استثمارات دول المجلس في الدول المتأثرة بالأزمة. وبينت المذكرة أنه بما أن جوهر الأزمة أصاب القطاع المصرفي في بعض دول العالم وانعكاس هذا الأمر سلبا على البورصات في تلك الدول فإنه من الطبيعي أن يستشري الخوف بين المتعاملين في القطاعات المالية والبورصات في كافة أنحاء العالم، لا سيما في ظل الانفتاح الإعلامي العالمي، إلا أن دول المجلس تملك كل المقومات اللازمة لمواجهة أية آثار سلبية مباشرة غير أن التبعات النفسية للأزمة المالية عندما تخرج من دائرة القلق إلى دائرة التأثير على السلوك فإنها تتحول إلى سبب رئيس للأزمة، ولهذا فإن الوضع الراهن في دول المجلس قد يجعل التعامل أولا مع الآثار النفسية للأزمة وسيلة للسيطرة على أية آثار أخرى للأزمة. وصنفت المذكرة منابع الأثر النفسي على الاقتصاد الخليجي في تخوف المواطنين من فقدان ودائعهم المصرفية والذي يعد غير مبرر، وأن التحدي يكمن في كيفية إقناعهم بعدم جدوى هذا التخوف، وأن سحب ودائعهم من النظام المصرفي سيكون مسببا لأزمة فعلية تضاهي الأزمة المالية العالمية القائمة، إضافة إلى تخوف المواطنين والمؤسسات المالية من مزيد من الانهيار في سوق الأسهم وأن النظرة القاتمة لدى المتعاملين قد تؤدي إلى مزيد من التراجع في البورصات الخليجية والذي يحدث انعكاسات على الاقتصاد الحقيقي وتحديدا الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري. وأوضحت المذكرة بأن تخوف المودعين سيزيد من احتمالات تناقص أحجام الودائع في النظام المصرفي وسيشكل ضغطا على وظائف البنوك المحلية ومؤسسات النقد والبنوك المركزية وعلى السيولة في اقتصاد دول المجلس، كما سيشكل ضغطا على الدور الإنمائي للنظام المصرفي في توفير التمويل للمشاريع التنموية والتوسع الاقتصادي. ومن الآثار النفسية على الأسواق المالية حدوث مزيد من التراجع، وتآكل مدخرات المواطنين والتأثير في نهاية المطاف على السلوك الاستهلاكي للأسرة الخليجية وما يولده من آثار على حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص الذي يتراوح بين 30- 40في المائة من الناتج الإجمالي للاقتصاد الخليجي. وأوضحت المذكرة أيضا أن هناك تأكيدات على أن النمو الاقتصادي العالمي سوف يتراجع بصورة ملموسة خلال الفترة القادمة ما سيؤثر بصورة بالغة على اقتصاد دول المجلس في احتمالات تراجع العوائد النفطية نتيجة التراجع المحتمل للطلب على الطاقة، وتراجع العوائد من الاستثمارات طويلة الأجل نتيجة تزايد احتمالات الركود الاقتصادي في أماكن وجود هذه الاستثمارات، وتراجع عوائد دول المجلس نتيجة تأثر استثماراتها المالية في الخارج. وقالت المذكرة إنه للسيطرة على التأثيرات الحالية ومواجهة التأثيرات المستقبلية لا بد من تكثيف التواجد الحكومي في القطاع المالي في دول المجلس من خلال توجيه جزء من الاستثمارات الحكومية للاستثمار في أسواق الأسهم الخليجية بهدف بث الطمأنينة للمتعاملين، وتوجيه مزيد من ودائعها للبنوك المحلية حفاظا على نسب أعلى من السيولة المتاحة لهذه البنوك، وحث الخطى وتسريع برامج التكامل الاقتصادي بين دول المجلس. ووضعت المذكرة حلولا مقترحة منها السيطرة على منافذ الأزمة وزيادة التنسيق وتبادل المعلومات من خلال تشكيل لجنة عليا لدراسة الأزمة وتبعاتها وتطوراتها وينبثق منها فرق فنية مختلفة، وتشجيع الاستثمارات البينية، وإعادة تقييم الخطط الاستثمارية في الخارج، ومتابعة أسواق الطاقة ووضع الحلول المناسبة لضمان استقرارها بما يقلل من الضغط على العوائد النفطية لدول المجلس.