حذر خبراء اقتصاد من هروب رؤوس الأموال من المنطقة العربية، نتيجة السياسات التي يتبعها بعض دول المنطقة تلبية لمطالب شعوبها والتي لا تتوافق دائماً مع سياسات الانفتاح الاقتصادي. وأكدت مصادر مصرفية غربية ل «الحياة»، أن الاضطرابات السياسية التي يشهدها بعض دول المنطقة قد تنعكس سلباً على الاستثمارات الأجنبية، جراء تخوف القطاع الخاص من احتمالات توقف الانفتاح الاقتصادي، والتوجه إلى سياسات التأميم، إضافة إلى قلق من احتمال عرقلة إنتاج النفط، ما يؤثر في الاقتصاد ككل. وقدرت المصادر حجم الأموال التي غادرت المنطقة منذ اندلاع الاضطرابات السياسية بأكثر من 30 بليون دولار، عدا الأموال التي انتقلت من المشرق والمغرب العربي إلى دول الخليج، على شكل ودائع واستثمارات قصيرة الأجل. وتأتي هذه الخطوة بعدما نقل عدد من المستثمرين العرب والأجانب استثماراتهم من الأسواق الغربية المتعثرة بسبب الأزمة المالية العالمية إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للاستفادة من استمرار النمو فيها، ما أدى إلى ارتفاع حصة المنطقة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 6.45 في المئة عام 2008 إلى 7.77 في المئة عام 2009. وجاءت تلك الأموال من الخليج ودول الشرق الأوسط عموماً، واستثمرت على شكل مشاريع بنية تحتية في مصر وطاقة في ليبيا وسياحة في تونس. وأكد الرئيس التنفيذي في مصرف «دويتشيه بنك» هنري عزام، أن «المستقبل القريب لا يبدو مشرقاً لتلك الاستثمارات، على اعتبار أن القطاعات الاقتصادية، خارج إطار النفط والغاز الذي يعتمد على التصدير، ستعاني من آثار الأوضاع الاقتصادية الموجودة، وسيظهر التأثير في قطاعات الخدمات والصناعة ومبيعات التجزئة». وتشير أرقام «صندوق النقد العربي» إلى أن البورصات العربية خسرت خلال الأسابيع الخمسة التي أعقبت بدء الأحداث في مصر نحو 140 بليون دولار، ما يعادل تسعة في المئة من الدخل العام للمنطقة. ولفت عزام إلى أن «الطريقة التي تتعامل بها الدول التي تشهد اضطرابات سياسية في المنطقة مع القطاع الخاص واتهام رجال الأعمال، قبل التأكد من براءتهم، تؤخر التوسع والنمو خصوصاً أنه يتزامن مع توقف المصارف عن الإقراض وتمويل المشاريع». وأكد أن «نسبة الأخطار كبيرة في المنطقة، ما انعكس سلباً على قرارات المستثمرين، خصوصاً رجال الأعمال الخليجيين الذين لديهم استثمارات في كل من مصر وليبيا وتونس وسورية واليمن». وعلى رغم تأكيد من تحدثت اليهم «الحياة» أن لا تأثير للاضطرابات السياسية في المنطقة على الاستثمارات العربية في الدول التي تشهد حالة عدم استقرار، إلا أن الخبير الاقتصادي أحمد البنا توقع أن يؤثر ذلك على قرارات المستثمرين بالاستثمار في مشاريع جديدة أو توسيع استثماراتهم القائمة. وسارعت الحكومة الجديدة في مصر إلى طمأنة رجال الأعمال الخليجيين بالتأكيد على حماية استثماراتهم. وعلى رغم بدء المستثمرين في المنطقة البحث عن أسواق جديدة لأموالهم في الغرب، لاحظ اقتصاديون توجه جزء مهم منها إلى بعض دول الخليج مثل الإمارات وقطر على شكل ودائع واستثمارات قصيرة الأجل. وأكد عزام أن فرص الاستثمار في دول الخليج محدودة، ما جعل المستثمرين الخليجيين يتجهون، قبل اندلاع الاضطرابات السياسية، للاستثمار في دول المشرق والمغرب العربي.