@@ وقع في يدي عدد خاص من مجلة الرسالة المصرية.. لصاحبها ومديرها ورئيس تحريرها الأستاذ (أحمد حسن الزيات) وهو العدد الصادر في القاهرة - يوم الاثنين 22ذي القعدة سنة 1356ه الموافق 24/يناير - سنة 1938م. @@ هذا العدد خصص للزفاف الملكي السعيد، وتصدر غلافه (الملك فاروق) والملكة وكتب افتتاحيته (الزيات) يقول فيها.. مخاطبا الملك: @@ (مولاي.. يازين الشباب.. لنعم المثل العالي لناشئة الجيل أنت (!) إن في برك بشعبك.. وفي إيمانك بربك،وفي إحصانك في بكور السن، وفي اقدامك على عزم الأمور، وفي ثباتك على تقلب الحوادث، لدستور من الخلق العظيم تصح عليه القلوب المريضة، وتنعش به الآمال المهيضة.. وتشد به العزائم الرخوة، ويزكو عليه ثرى الوادي الحبيب الخصيب، فيعود فينبت تلك الأرواح الشم التي فاء إلى ظلها وأكلها العالم القديم فاغتدي واسترفه). @@ ليس هذا فحسب.. @@ بل إن فطاحل كتاب مصر في ذلك الزمن ومنهم: عباس محمود العقاد وإبراهيم عبدالقادر المازني، ومحمد عبدالله عنان، ومحمد لطفي جمعة، وتوفيق الحكيم والدكتور عبدالوهاب عزا م ودريني خشبة وزكي مبارك وغيرهم. وكذلك عدد من الشعراء البارزين قد حرروا هذا العدد بنفس اللغة والاسلوب والروح والمنهج. @@ فما الذي استدعى التوقف.. إذاً؟ @@ وبصرف النظر عن الظروف التي انتهى إليها حكم الملك فاروق.. @@ وبصرف النظر عن التبدل الغريب في أحكام الشعوب.. تبعا لتبدل أنواع السلطة فيها.. وذلك شيء مؤسف تماما.. @@ الا أن ما دفعني إلى الكتابة هنا.. هو دافع مهني بحت. @@ فقد طلب رئيس التحرير من هؤلاء المفكرين والأعلام الكبار أن يشاركوا في تحرير العدد الخاص.. وحدد لكل منهم موضوعا بعينه ينطلق من طبيعة تخصصه أو اهتمامه.. @@ فكتب العقاد تحت عنوان (زواج ملكي) عن مسرحية تتضمن مناقشة بين اللورد ملبورون والملكة فيكتوريا عن مسألة الزواج الملكي واورد الحوار الكامل بينهما كما جاء في المسرحية. @@ وكتب (المازني) مقالا بعنوان (الملك الشاب ورمز الأماني الجديدة) واستعرض فيه فترات من تاريخ مصر قبل وبعد الاستقلال.. @@ وكتب (عنان) مقالا بعنوان (من الأعراس الإسلامية الشهيرة: زواج قطر الندى الطولونية بالخليفة المعتضد بالله). @@ وكتب (الحكيم) تحت عنوان زاويته (من برجنا العاجي) يقول (كل شيء يزدهر في مملكة تمتزج فيها مصلحة الشعب بمصلحة الملك). @@ وجاء مقال الدكتور (عبدالوهاب عزام) تحت عنوان (زواج أمير عربي بأميرة هندية).. @@ وكتب (خشبة) مقالا تحت عنوان (عروس صاحب الجلالة فرعون الصغير).. @@ اما مقال الدكتور (زكي مبارك) فقد جاء تحت عنوان (ليلى المريضة في العراق).. @@ هذا الاستحضار العميق لأشكال تاريخية، إنسانية مختلفة من زيجات الماضي وربطها بالتاريخ المصري الحديث، ما كان ليتم لولا هذا الحس المهني. وذاك العمق الثقافي وتلك اللمحات الصحفية الذكية.. وهي خصائص يتمتع بها الإعلاميون والمثقفون والمحترفون.. وقد أعطوها في صورة نظريات مهنية علمية ضمن مناهجهم التعليمية العصرية المتميزة. @@ لقد تمنيت من شباب هذا الزمن الجديد أن يطلعوا على هذا العدد.. وان يدركوا من خلاله.. كيف طوع هؤلاء المفكرون عصارة أذهانهم وحصيلة ثقافتهم الغزيرة لخدمة المهنة فكانت صحافتهم جامعة بين العمق.. والمهنية وفوق الكثير من مستويات الابتذال المهني والسطحية الثقافية التي نشهدها الآن في بعض وسائل إعلامنا. @@ أما الناحية التاريخية.. @@ وأما الناحية البلاغية. @@ وأما الأسلوب المستخدم في تحرير هذا العدد فإن لذلك دراساته المستقلة. @@ ذلك أن لكل عصر نمطه الفكري.. ونسيجه اللغوي.. وحتى النفسي والاجتماعي الخاص. @@@ ضمير مستتر: @@ (مهما تفاوتت الأجيال في نظرتها للأمور.. فإنها لا تختلف على تأكيد أصالة موروث الماضي ودسامته وعمق جذوره).