المرأة عنصر مستقل ومؤثر وفاعل في صياغة نهضة وحداثة المجتمع، وصناعة وعيه المعرفي، وانطلاقته التنموية، وبدون مشاركتها في العملية الإنتاجية يبقى المجتمع مشلولاً كسيحاً عاجزاً عن الدخول في مضامين الخلق، والإبداع، والحراك النهضوي، ويظل أسير ثقافة المجتمع الرجولي، أو الأبوي الذي يمارس فكره التهميشي والإقصائي لنصف المجتمع، وعزله تماماً عن أي نوع من أنواع المشاركة في البناء الاجتماعي، والاقتصادي، والإنتاجي. هذه حقيقة يجب أن نحسم الجدل فيها، وننهي النقاش حولها، ونتجاوزها باتخاذ القرار الجمعي بسقوطها كفكر وسلوك، لأن الوطن في حاجة إلى جميع أبنائه ومكوناته وقدرات جميع أفراده وإمكاناتهم الفكرية والعلمية والأكاديمية، وأن الحق كل الحق محفوظ لكل فرد لينخرط في معركة المواجهة مع التحديات، والقضاء على المعوقات لنكون جميعنا في خندق واحد نبني، ونصنع، وننتج، ونضع الجغرافيا والتاريخ والإنسان في مسار تاريخي يتألق باكتساب التطور، وتوطين الحداثة، وخلق بيئة إنتاجية لكل فرد من أجل الوصول إلى أمكنة رحبة في قمم الحضارة. علينا لكي نكون مجتمعاً سوياً عاقلاً متوازناً أن نفتح الأبواب، بل نشرعها أمام المرأة لتعمل وتشارك وتستثمر إبداعاتها، وتنخرط بكفاءتها، وإيمانها بنفسها وحق الوطن عليها، في التناغم والتماهي مع رغبات وطموحات القيادة السياسية في توفير المناخات للجميع للتخلى عن منطق العجز، والهروب، والاتكالية، والاندفاع نحو فضاءات الإنتاج والعمل، إذ لا يمكن لنا أن نعزل المرأة عن الحراك التنموي، ثم نصرخ أمام حقيقة خيباتنا وهزائمنا وعجزنا عن تحقيق منجز تنموي، وتحديثي. إن كل الدعاوى التي يسوقها الإقصائيون والخائفون والمشككون والمرعوبون من انخراط المرأة في العمل ما هي إلا إسقاطات وهم، ومعوقات تفكير، وثقافة الجلوس على طلل نبكيه، ونغني له، ونذرف الدموع على آثاره لا تجلب لنا انتصارات اقتصادية، ومعرفية. ولعل في الخبر الذي تناقلته قنوات الإعلام يوم أمس عن مشاركة مهندسات سعوديات في مشروع الشامية لتوسعة الحرم المكي الشريف، خير دليل على أن "فوبيا" عمل المرأة وهم. دعونا نقرأ بعض الخبر.. "كشف نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة "الجذور" المهندس سمير الشبيلي عن مشاركة 24 مهندسة سعودية، خريجات جامعيات وعائدات من الابتعاث، في مشروع الشامية لتوسعة ساحات الحرم المكي الشريف. وذكر أن المهندسات السعوديات العائدات من الخارج يشاركن مع زميلاتهن المهندسات بجدة بجدارة في رفع خطة التنفيذ بمشروع الشامية لتوسعة ساحات الحرم المكي، لقاء العقد الذي حصلت عليه "جذور" من الجهة المنفذة للمشروع قبل نحو 3 أشهر، وأن تنفيذ العقد سينتهي خلال 3 سنوات مقبلة. ولفت إلى أن المهندسات سجلن نجاحاً ملحوظاً على الصعيد المهني، ووفقن في اختيار منتجات وخامات التغطية الجغرافية للتوسعة، وأسهمن بمهنيتهن في استقطاب الشركة لعدد آخر من المشاريع. وقال إن المهندسات السعوديات ساهمن بجانب أشقائهن المهندسين الرجال في تنفيذ مشاريع مهمة وحيوية بالشركة التي هيأت لهن كافة الإمكانيات، وأن عملهن بالمشاريع يتناول أعمال التصاميم الفنية وتحضير الخرائط المعمارية والتنفيذ الداخلي لبعض المشاريع بالتنسيق مع مهندسي أقسام الكهرباء والمقاولات والدهانات والبناء والمعمار، وكذلك أعمال التسعير وجدولة كميات المواد الخام، والتواصل مع الموردين والعملاء. وأوضح الشبيلي؛ أن الشركة بدأت فعليا التعاقد مع الراغبات بالعمل الهندسي، براتب مبدئي قدره 8 آلاف ريال، يتم رفعه بعد إثبات المهندسة كفاءتها ليصل إلى 15 ألف ريال، ثم تعطى المهندسة فرصة للتدريب على يد خبراء ومختصين من جنسيات مختلفة، كما فتحت الشركة مؤخرا باب ابتعاث الكفاءات النسائية القادرة على التميز، انطلاقا من إيمانها بأهمية استقطاب المهندسات للعمل في تنفيذ مشاريع واسعة في كافة مدن المملكة". افسحوا الطريق أمام المرأة فهي عقل وفكر وإنتاج.