في عقد التسعينيات من القرن الفائت كان المتداولون في سوق الأسهم السعودي قليلين جدا بالنسبة لعدد المتداولين في الوقت الحاضر وكان النظام اقل تطورا وتعقيدا مما هو عليه اليوم ورغم ذلك كان المتداولون يختارون أسهمهم بعناية بعيدا عن المضاربات الحاصلة في السوق اليوم، وأهم ما كان يبحث عنه المستثمر في ذلك الوقت مقدار ما توزعه الشركة من أرباح سنوية ومقارنة هذا الرقم مع العائد من الاستثمار في مجال آخر كبناء المنازل لغرض التأجير أو غيرها من الاستثمارات، ولعلنا نذكر كيف كانت أسهم هذه الشركات تهبط عندما تعلن شركة توزيع اقل من المتوقع أو تمتنع عن التوزيع في ذلك العام، وتبدأ الاحتجاجات والتعبير عن الامتعاض في الصالات وعبر الصحف المحلية على مثل هكذا قرار.أما الشركات التي لم تبدأ بالتوزيع حتى ولو كانت شركات واعدة ويتوقع لها مستقبل زاهر فإن أسعارها في ذلك الوقت متدنية جداً إلى حين البدء الفعلي في قيام الشركات بالتوزيع، لكن مع إقرار نظام تداول وإنشاء هيئة السوق المالية فيما بعد وبروز التداول عن طريق القنوات الالكترونية تغير هذا المفهوم لدى المتداول سواء كان المتداول من القدامى أو متداولا جديدا خصوصا في فترة ارتفعت فيها أسعار الشركات كثيراً مما جعل المستثمر في حاجة إلى عشرات السنين لاسترجاع ماله في أفضل شركات السوق توزيعا للأرباح بسبب تضخم أسعارها، وتحول هدف الشراء من أجل أرباح الشركة وتوزيعاتها للأسهم إلى شراء السهم بهدف بيعه بسعر أعلى، وللمتداولين الجدد مبرراتهم في ذلك فهم يعتبرون أن ما توزعه الشركات فتات يمكن الحصول على أفضل مما توزعه هذه الشركة بالمضاربة خلال جلسة واحدة من التداول، بل إن بعض المتداولين يفضل أن يقوم بالبيع قبل يوم الأحقية والعودة مرة أخرى لها فيما بعد وذلك تجنبا للدخول في عملية تطهير هذه الأرباح وعدم المعرفة بمقدار مبلغ التطهير في هذه الأرباح.لكن مع التراجعات الحادة هذا العام خصوصا التراجع الأخير الذي أوصل أسعار كثير من الشركات إلى أسعار استثمارية ممتازة ومغرية جدا فإننا نستطيع التأكيد أن شراء الأسهم بهدف الحصول على الأرباح قد عاد بقوة وقد أصبحت هناك شركات في وضع استثماري ممتاز ويمكن الحصول على عوائد ممتازة واستعادة المبلغ المستثمر من خلال التوزيعات النقدية خلال وقت معقول جدا بالمقارنة مع استثمارات أخرى بغض النظر عن سعر السهم في السوق، ولعل من أهم هذه الشركات التي أصبحت في وضع استثماري مميز شركات الاسمنت بدون استثناء وكثير من الشركات في قطاعات مختلفة اذكر منها على سبيل المثال شركة طيبة التي وصلت نسبة الربح الموزع إلى سعرها 9.86%، ومكررها الربحي العام إلى 6.72ولهذا فإن المستثمر لمدة طويلة قد حان موعده مجددا مع سوق الأسهم السعودي وذلك بالنظر إلى ان موجات الهبوط دائما تحمل في طياتها الكثير من الفرص الاستثمارية والمستثمر الذي نعنيه هنا هو ذلك المستثمر الذي يسعى للحصول على عائد مجز على رأس المال المستثمر من خلال أرباح الشركة وليس المستثمر هو من يشتري السعر بغرض بيعه بسعر أعلى حتى ولو احتفظ به عاماً كاملاً.