تتميز تجربة الشاعر المبدع خلف المشعان بوجود عدد من القصائد التي يمكن تسمية الواحدة منها ب (القصيدة المسلسلة)، وهي القصيدة/أو القصائد التي يبدعها الشاعر وتكون امتداداً لقصيدة سابقة لها، ومن أمثلة ذلك قصيدتا المشعان (الحلم 1) و(الحلم 2) وقد سبق أن أشرت إليهما، وكذلك له ثلاث قصائد تحمل ذات الاسم، وهي (صدر الشمالي 1) و(صدر الشمالي 2) و(صدر الشمالي 3)، أما أطول قصائده المسلسلة وأجملها - في اعتقادي - فهي (مواقف رمضانية) التي تتألف من 15موقفاً/قصيدة يتراوح عدد أبياتها بين 5و 10أبيات، وتتسم تلك القصائد أو المقطوعات بتفاوتها في ملامسة الشهر الكريم وخصوصيته، بكل يمكن القول بأن بعض تلك المواقف أو القصائد لا تربطها أي صلة بشهر رمضان، بحيث يمكن استبعادها من سلسلة المواقف، ومثال ذلك الموقف السابع (إنسان مسكين9). وقد حاول المشعان من خلال تلك المواقف انتقاد بعض المظاهر السلبية التي تحدث في شهر رمضان المبارك، ففي الموقف الثاني يتحدث الشاعر بأسلوب ساخر عن التقصير الحاصل في صلة الأرحام، ويشير إلى أن هذا الشهر يُعَدُّ (فرصة) مناسبة لإعادة التواصل بين أفراد المجتمع: كم لي شهر ما شفت حامد وفرحان ربع ليا غاب الخوي يفقدونه رغم إنهم ماهم بعيدين جيران حامد ورى المسجد وفرحان دونه إلا أن هالدنيا خذت عقل الإنسان ونابت أذانه عن مهمة عيونه أصبح فلان اليوم يسمع عن فلان وكل سعى في هالحياة بشؤونه دنيا المشاغل فرقت بين الأخوان يموت أبوهم والعزى ما يجونه اليوم (صدفه) شفت حامد وفرحان بالمسجد اللي توّهم يدخلونه قبل رمضان تشوف به خمس شيبان واليوم كل الحي صاروا يجونه! وينتقد الشاعر في الموقف الرابع عدداً من المظاهر السلبية التي تحدث في نهار رمضان كإساءة الخلق بحجة الصوم، وكذلك تضييع يوم رمضان في النوم: محد بهالعالم من الذنب معصوم نسألك يا رب العباد السلامه بعض العرب بوزه على الصبح ملموم نفسه بخشمه لا اقعده لدوامه تلقى فرامل خلقه الصبح معدوم وعاجز لسانه لا يربّط حزامه وبعض البشر لا نام ما وده يقوم يقضي عبادات الصيام بمنامه يجمع صلاته يوم يقعد من النوم ويطلب لقا ربه بيوم القيامه لا صار صومه نوم وشوله يصوم؟ ربه ترى ما هو بحاجة صيامه ويشير المشعان في الموقف الثامن إلى تهاون الكثيرين في أداء العبادات بعد مرور الأيام الأولى من شهر رمضان، فالبعض يجتهد ويخلص في الأيام الأولى من رمضان، ويقضي بقية أيام الشهر في أمور دنيوية كالزيارات والتسوق: في ليلة الثامن بدينا بالإهمال وصار الشهر عند الكثيرين عادي مدري بدينا ننتظر شهر شوال وألا شهر شوال بالفعل بادي؟ يعني بدال نصير نخلص بالأعمال نزداد عن رب العباد ابتعادي عن التراويح انتعذّر بالأشغال وأشغالنا ما بين سوق ونوادي غزل، تمشي، مشترى، كذب، تفصال حراء طبعاً غير سوق البوادي استغفر الله وأسأله يرحم الحال صرنا بوادي والعباده بوادي ويضع المشعان إصبعه على الجرح في الموقف العاشر، الذي أرى بأنه من أجمل وأجزل مواقف الشاعر الرمضانية وأكثرها ملامسة لواقعنا، وفيه ينتقد الشاعر تحول شهر رمضان عند البعض إلى شهر لمتابعة المسابقات والمسلسلات التلفزيونية: ثلث الشهر عدى وعدّت لياليه مسكين يا من في معاصيه لاهي كل ما الشهر ينقص يزيدن معاصيه ويزداد مع زود المعاصي تباهي من لا هداه الله وسمّح خطاويه ما يردعه عن منكر الفعل ناهي ليل الشهر بين البرامج يقضّيه متحطم بهيفاء ومعجب بزاهي محتار ما يدري وش اللي ينقّيه مثل اليتيم اليا دخل بالملاهي كن الشهر موسم برامج وترفيه من فاهية وجه إلى وجه فاهي ويالله ثبتنا فباقي لياليه وتذكّر اللي عن عبادتك ساهي وكما انتقد الشاعر في مواقفه العديد من المظاهر السلبية التي تحدث في شهر رمضان المبارك، نجده يشيد في الموقف التاسع بمظهر إيجابي لا يمكن أن نشاهده في غير الشهر الكريم، إذ يثني على ما يقوم به بعض أهل الخير من توزيع لوجبات الإفطار عند إشارات المرور: دايم اليا قالوا شباب وعلى الدين أسكت على بالي فهمت العباره أدري بها زينه ومفهومها زين وأكيد واضح ما يبي له شطاره واحد رقم زايد رقم واحد اثنين لكن مهو كل الكلام استعاره يعني مثل لا قلت لك صل هالحين هي نفسها لا قلت ولّع زقاره ما فيه شيء اسمه شباب على الدين إلا شباب يستحق العباره شفهم اليا أذن ينقلون الكراتين ويفطّرون الناس عند الإشاره ويتذكر المشعان في الموقف الحادي عشر الإطلالة التلفزيونية الحميمية التي افتقدناها في السنوات الأخيرة، وهي إطلالة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: إيو الله أذكر طلته يا حليله كان الشهر مع طلته متخاوي يطلع على وقت اجتماع العيله يروي لنا والله ونعم الراوي لا من طلع برنامجه نصغي له شيخ عن أمراض القلوب يداوي أذكر كثير وجيتكم داعي له الله يرحم شيخنا الطنطاوي وفي الموقف الأخير يذكر لنا المشعان دافعه لكتابة مواقفه الرمضانية: كتبتها والله عليهم بخفايا ماني بها مجبر ولاني بملزوم غير إنها لله رب البرايا مواقف يشهد بها اصغر القوم كتبتها من باب طيب السجايا يالله تقبلها وتقبل لنا الصوم هذه بعض المقتطفات من مواقف الشاعر المبدع خلف المشعان الرمضانية، التي نجح من خلالها في إبراز العديد من مظاهر شهر رمضان المبارك، ومن الجميل أن يلتفت شاعر من الشعراء الشباب للأغراض التي تحمل مضامين دينية، في زمن يكاد ينحصر فيه إنتاج الكثير من شعرائنا الشباب على غرض الغزل.