الفقر هو العصا التي تكسر كرامة الإنسان وعزة نفسه. الفقر لا يوجد لذاته ولكنه في رأيي محصلة ونتائج لأشياء عديدة متلازمة. في دورته التاسعة لعام 2008، المجلس الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تناول القضايا المتعلقة والمؤثرة في حقوق الإنسان. من تلك القضايا قضية مهمة جدا وتتعلق بكرامة وحياة الإنسان وسعادته إنها قضية الفقر. القى معالي د. زيد الحسين. نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان كلمة بهذا الخصوص. تناول الفقر. هذه الآفة التي قال عنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (لوكان الفقر رجلا لقتلته). هذه الآفة تناولها د. الحسين من عدة نواح، الفساد، السياسات، والعولمة. هذه الثلاثية تبدو هي المصادر الأساسية المغذية لهذه الآفة والتي تجعلها تستعر. ولعلي آخذ أجزاء من هذه الآفات الثلاث، التي تؤثرمباشرة في مصادر العيش الكريم والعمل الشريف. ففي العولمة تجويع للعالم الثالث، وكذا في الفساد وسوء التخطيط ما يفاقم الأمر بشدة. الحروب هي سيدة أدوات الإفقار ولإلهاء الشعوب عن مصادر العيش في اقتناء الأسلحة والأدوات القتالية أو الدفاعية. لذا فهي تسرق القلم والدفتر ولقمة العيش، وعادة يجوع الفقراء والبسطاء ويغتني تجار الحروب وسماسرتها. وتبقى آثارها ديونا، ومصا لمصادر الرزق الحلال، فيعشش الفساد وعليها يتغذى. كما أنها تؤثر في السياسات وتضطر الدول الفقيرة لتغيير خططها وبرامجها التي لا تستطيع تنفيذها بسبب تلك الأداة القاتلة والطاحنة. التنمية قليلة فرصها والتعليم والتدريب يكونان في حدهما الأدنى. ولعلنا نجد العراق مثالا ساطعا ومعه أفغانستان. حيث تشرد المتعلمون. وبدلا من ان تفتح المدارس ابوابها فتحت السجون أفواهها، وصار الأطفال أجيرين من أجل لقمة العيش. ولعلنا نذكر ان في بدايات الثمانينيات أعلنت الأممالمتحدة العراق دولة خالية من الأمية.. الفقر والفساد متلازمان. ولعله من نتلئج العولمة التي هي العقيدة للرأسمالية. فالمبدأ الموجود للراسمالية يقول(دعه يمر دعه يعمل). ولكن كيف يعمل المرء وطيف يمر عندما يفقد الأمن. في كلمة د. زيد ناحيتان مهمتان هما أثر العولمة في إفقار العالم وخاصة الثالث. هذه العولمة التي ربما توقع البعض أنها ستنقل العالم الثالث درجات نحو الرفاهية والعدالة وتحقيق حياة كريمة تعتمد الدول الكبرى فيها على تاسيس مصانع ومعامل في الدول النامية مستفيدة من رخص الأيدي والقرب من المواد الخام. بحيث تكون البطالة اقل وأبواب العمل أوسع. العولمة، التي تقودها امريكا أتت ومعها مبادئ وأفكار الراسمالية والميكافيلية مع بعض. فالرأسمالية التي تتخذ العولمة تعتمد استغلال طاقة الفرد والمجتمع في سبيل رفع الإنتاج ومن ثم رفع المكاسب التي تصب في خزانة الدول الكبرى وشركاتها. كما أوجدت مصانع ومعامل في الدول الناميةمثل تايلند ومكاي، ولكن الذي حدث أنه وجد بجانبها الغلاء .. صارت عبارة عن تجفيف موارد الدول النامية وتأجيج الصراعات العصرية والأثنية فيها. ومن ثم سرقة مواردها. فالعالم لم يعد القرية الواحدة إلا اللهم عبر النت، ولكن اصبح شبح الفقر والتفقير وتدمير البنية التحتية لدول العالم الثالث الشغل الشاغل لرواد العولمة. والذي اصبحت جهوده التي يمكن ان تطور العالم الثالث تستغل هذا العالم لصناعاتها التي تستخدم بها الأيدي العاملة الرخيصة.. الناحية الأخرى في الفساد في العالم الثالث وما جر من ويلات. إن هذا الناقوس عندما يدق بأعلى نغمة ينبه لمخاطر عديدة. هذا الموضوع يبنى على عدة أمور مع بعضها. العولمة سرقت اللقمة من يد الطفل والقلم من يد التلميذ وأكمل الفساد والحروب ما نقص. لذا الفقر هو نتيجة وليس سببا، فالفقر ما كان يكون بهذه الضخامة لولا موارده التي لا تكل تدفع للبشرية به. وتتوّجه بتاج البطالة.