المتقاعدون هم من سهروا وتعبوا وأفنوا حياتهم في سبيل النهوض بهذا البلد المعطاء - يحفظه الله من كل مكروه - أعطوا فما بخلوا طيلة حياتهم الوظيفية بكل تفان وإخلاص، ومنهم من أعطي من الحوافز المعنوية والمادية في حفل أطلقت عليه كثير من المصالح الحكومية حفل تكريم المتقاعدين، يشكر هؤلاء من خلاله على جهودهم ويمنحون شهادات شكر ودروع وما إلى ذلك، ومنهم من ينسل من هذا العمل دون أن يحصل حتى ولو على كلمة شكر تنسيه التعب الذي أفناه طيلة فترة عمله. ولست بصدد الحديث عن هذه المسألة، ولكن هناك نقطة قد تفوت البعض منا وهي أن كثيراً من هؤلاء المتقاعدين قد يستصعبون تركهم عملهم فجأة بل إن البعض منهم قد أحب العمل إلى درجة أنه لم يبن أية علاقات اجتماعية مع من حوله فيجلس وحيداً منطوياً على نفسه بعد احالته على التقاعد. فكم عانى كثير منهم من الكابوس المظلم الذي ينتظره بعد التقاعد، بل ان منهم من حاول أن يجمع شريحة من المتقاعدين ليقضوا أوقاتهم في استراحة أو في منزل أحدهم أو في طلعات للبر، وفي نظرهم أن العمل قد تخلى عنهم وتركهم.. ولكنها سنّة الحياة في الكون فلو دامت لغيرك لم تصل إليك! ولكن هناك اقتراح قد ينتشل مثل هؤلاء المتقاعدين من عزلتهم، وهو أن يفتح للموظف أيا كان قبل تقاعده بثلاث سنوات الباب في أن يستخرج سجلاً تجارياً يجعله يمارس الأعمال الحرة في هذه الفترة مما يجعله يدخل في غمار التجارة ويكون مهيئاً للأعمال التجارية ساعة إحالته على التقاعد، ومن ثم لا يجد صعوبة في اندماجه في المجتمع، كما أنه يجد ما يشغله بعد سن التقاعد. ولا يفوتني أن أتطرق إلى نقطة حاسمة في حياة المتقاعد وهي انه بانتهاء حياته الوظيفية قد يكون اسمه في العمل طي النسيان، وما اؤكد عليه هنا أن يكون فيه جسر من التواصل بين المتقاعد وعمله السابق يدعى لجميع المناسبات التي تحصل في عمله، ويرسل له خطابات تهان في الأعياد وغير ذلك، والأهم من هذا كله أن يمنح بطاقة من عمله ويكتب فيها متقاعد. كما أنني أحيي مصلحة معاشات التقاعد في الخطوة التي بادرت بها وهي منحهم بطاقات لهؤلاء المتقاعدين، وكنت أتمنى ان تكون هذه البطاقة من جهته التي كان يعمل بها. والله أعلم.