الحصول على شهادة الدكتوراه الحقيقية هو كالخروج من عنق الزجاجة، لأن الحاصل عليها يمر عبر العديد من الفلاتر والقنوات، تبدأ بالحصول على معدل مرتفع في الماجستير، وعدد من التزكيات لاساتذة قاموا بتدريس الطالب، اضافة الى اشتراط حصول المتقدم على درجة مرتفعة في اختبار التوفل لاتقل عن 450درجة في عدد من الكليات العلمية والتربوية، ثم بعد ذلك اختبار قبول تحريري الذي يتناقص المتقدمون بعده، ثم المقابلة الشخصية ثم موافقة جهة العمل، وبعد ذلك تبدأ الرحلة الطويلة والشاقة في دراسة المقررات المتعددة والمتنوعة في مدة لا تقل عن أربعة فصول دراسية يكلف الطالب فيها بإعداد البحوث المتخصصة وأوراق عمل، ومشاركة في بعض اللقاءات والمؤتمرات، والمتابعة لكل جديد، اضافة الى الرجوع إلى عدد غير قليل من المراجع، وتقديم عدد من العروض بالبوربوينت، وآخرها الاختبارات في نهاية كل فصل ويشترط ان ينجح الطالب في كل مقرر بدرجة لا تقل عن جيد جداً. وبعد الانتهاء من هذه الدراسة بقضها وقضيضها يبقى أمام الطالب الاختبار الشامل ذلك الهمّ العظيم والكرب الجسيم، فعدم تجاوزه يعني أن يحمل الطالب حقائبه ويغادر كليته بخفي حنين، وهذا الاختبار له خصيصته التي يعرفها طلاب تلك المرحلة فأسئلته المفتوحة، ومحاوره الواسعة، تزيده هيبة وصعوبة فكل سؤال يتولى وضعه وتصحيحه استاذ مختص، وعندما يجتاز الطالب الاختبار تتم مقابلته من قبل لجنة للنظر مرة اخرى في تمكينه من البدء بخطة البحث والرسالة، وهذه المقابلة جزء من الاختبار الشامل وبعد اجتيازه المقابلة يطالب الطالب باختيار موضوع مناسب ووضع خطة البحث، وفي هذه المرحلة يتعرض الطالب لعدد من العقبات فإذا أقرت الخطة شرع الطالب في الرسالة التي تحتاج الى وقت وجهد واستشارة والتزام بالمنهج العلمي، واحياناً سفر وترحال الى بعض الجامعات للحصول على بعض الدراسات والمراجع، وهذا يحتاج إلى زمن لا يقل عن سنتين، واحياناً يزيد، ثم يحدد للطالب لجنة مناقشة محايدة لاتقل عن خمسة اساتذة تتنوع تخصصاتهم واقسامهم وكلياتهم واحياناً جامعاتهم لمناقشته فيما لا يقل عن الأربع ساعات، ثم تؤخذ الملاحظات وتعدل بعد التنسيق مع المشرف، ثم تتم إجازتها وينتظر الطالب بعد ذلك زمناً حتى يتم استلامه وثيقته من الجامعة بعد رجوعها من وزارة التعليم العالي. هذه هي رحلة المعاناة في الحصول على درجة الدكتوراه ولا تنس الانظمة الادارية بين الطالب والمشرف والقسم والكلية والدراسات العليا. إن من يحصل على هذه الدرجة من جامعاتنا يتساوى مع من يحصل عليها من أكبر الجامعات المشهورة والقوية كجامعة هارفرد أو أكسفورد، ثم حصول الطالب على درجة الدكتوراه عبر هذه المراحل سيكون لها انعكاسات علمية وفكرية واضحة على شخصية حاملها، فهل يتساوى عند أهل العدل والعلم من يحصل عليها بالطريقة التي ذكرتها ومن يدفع حفنة من الريالات وتأتيه الشهادة موقعة من كونداليزا رايس وهو لا يعرف أبسط أساسيات البحث العلمي؟! وهل يستوي من بذل ذلك الجهد وقضى ذلك الوقت مع من ذهب الى حوانيت بيع الشهادات المنتشرة في كل مكان وفي الإنترنت بل وعبر رسائل الجوال بل واحياناً دون الحصول على الماجستير، لا والله ليسوا سواءً. إن الذي أريد أن أصل إليه بعد كل ما سبق هو نداء الى وزارة التعليم العالي بأن تقوم الوزارة بمنح كل من يحمل شهادة من جامعاتنا أو من تتم معادلة شهادته بطاقة شخصية موقعة من الوزير يوضع فيها اسمه ودرجته العلمية والجامعة المانحة لهذه الدرجة تمييزاً لهم عن غيرهم من أصحاب الحوانيت.