مازلنا نتحدث عن البحث العلمي؛ كي تبني سمعة علمية في مجال تخصصك الدقيق، تحتاج إلى أكثر من الدال. نقطة ومن شهادة في برواز تعلقها في الجدار خلف مكتبك. جملة حكيمة قيلت لنا أثناء الدراسة: "جميل أن تحصل على الدكتوراه لكن الأهم هو ماذا ستفعل بها وبعدها وما هي إنجازاتك البحثية بعد حصولك عليها؟" ما يقصده القائل هو أن شهادة الدكتوراه هي خطوة في أول الطريق البحثي، وكلكم تعرفون بعد أن تخوضوا المجال العملي أن أسهل فترة في فترات حياتكم هي فترة الدراسة، ففي فترة الدراسة هناك من يوجهك ومن يساعدك ويساندك من معلميك أو المشرفين عليك في البحث والدراسة. البحث العلمي ليس بسهولة سلق البيض، لكنه يشابه الطبخ، فأنا وأنت قد نجيد طبخ الكبسة أو خلط التبولة لكن الطعم يختلف بين ما أقدمه أنا وبين ما تقدمه أنت لأن لكل منا طريقته الخاصة. ما أريد أن أقوله هو أن "س" و"ص" يعملان في نفس المجال مثلا ولهما نفس الاهتمامات البحثية لكن "س" يملك سمعة علمية وانجازات بحثية مميزة ومخلتفة عن "ص"، ربما لأنه جاد ومخلص في عمله ويعرف أنه لا توجد طرق مختصرة أو واسطة حتى تصل لنتيجة بحثية أو اكتشاف علمي فواسطتك هي جدك واجتهادك ومدى ما تبذله من نفسك ووقتك وجهدك وعقلك! "باحث بالمحاكاة" وصف يطلق على هؤلاء الذين يتسلقون على اكتاف الآخرين، حيث تجد الشخص منهم لديه بعض الأبحاث المنشورة لكنه لا يعي ما هي ولا يعرف حتى أبسط المعلومات المكتوبة فيها ولا ماهية النتائج المقدمة من خلالها، ببساطة صاحبنا فضل اتخاذ الطريق السهل من حيث استغلال جهود الآخرين ونسب جزءاً منها أو كلها لنفسه. لذلك نسمع عن السرقات العلمية وعن الأبحاث المنجزة من الباطن وعن النتائج المزيفة وعن أبحاث القص واللزق وغير ذلك من ممارسات تذكرنا بأن الأمانة شيء مهم لا يمكننا التنازل عنه أو المفاصلة فيه. هؤلاء ومهما حاولوا خداعك يمكنك بسهولة أن تعرف حقيقتهم وأن تشم رائحتهم من بعيد. وهؤلاء هم الذين يعرفون ويعون جيدا قبل أن تعرف أنت أنهم لا يملكون المصداقية العلمية حتى ولو امتلأت سيرتهم الذاتية بأبحاث منشورة ومؤتمرات حضروها أو شاركوا فيها. فبناء سمعة علمية وتكوين مصداقية بحثية ليس بالأمر السهل ولا يحدث بين يوم وليلة.