كعادتنا في السعودية نبحث عن التحديات والمنافسات بالطعام ولاشيء غير الطعام؛ أقامت مدينة جدة خلال الأيام الفائتة من رمضان مهرجاناً في أحد الأسواق لأكبر طبق شوربة حضره عشرون ألف متفرج.. الطبق الأكبر أو الانتصار العظيم -كما يظن صانعوه- استهلك أطناناً من الماء وكميات كبيرة جداً من البصل والخضروات والشوفان، وحسب الإعلان المسبق فقد قال منظمو الفعالية إن الهدف منها خيري وهو توزيعه على الحضور والأسر الفقيرة في جدة لكن ما حدث أن القائمين على المهرجان استعانوا بوايتات الصرف الصحي لسحب الشوربة وصبها في مصارف الصرف -كما شاهدتها وشاهدها غيري في الصور التي انتشرت على شبكة الإنترنت- ورغم أن الفعل أثار حفيظة حضور المهرجان وكذا مسؤولي الجمعيات الخيرية الذين تألموا لنعمة الله وكيف أن أسراً كثيرة في ذات المدينة تتألم جوعاً وكان الأوءلى توزيع هذا الطبق على المحتاجين أو التنسيق مع الجمعيات الخيرية. شخصياً.. انزعجت من أمرين؛ كيف أن تفكيرنا دائماً يقتصر في نيل الأرقام الشخصية بالقوة المادية التي تسمح لإقامة هكذا فعالية دون أن ننجز ما هو جدير بالإنجاز والتحدي "فعلاً" ليُحتفظ به في الموسوعة كوسام شرف لبلادنا، فإعداد طبق ضخم من الشوربة لا يتطلب أي مهارة "عجيبة" وإن كان منظمو الفعالية يفخرون بكون صانعيه هم من الشباب السعودي الجنسية فلستُ أدري ما (خرق العادة) الذي يجعل أصحاب الفعاليات يتباهون بجنسيات صانعي الطبق. الأمر الثاني هو عدم التنسيق (الفعلي) لا الدعائي بين منظمي مثل هذه الفعاليات والجمعيات الخيرية فقد ورد في تصريح لمسؤول في جمعية خيرية بجدة أنه لم يتلق أي اتصال للتنسيق وأنه لو حدث لهرعت الجمعية ليستفاد من هذه الكمية وتوزيعها على المحتاجين.. أليس هذا مؤلماً في مدينة يئن فيها فقراءٌ من الجوع؟.