تشير أحدث الدراسات الأمريكية إلى أن الأمريكيين باتوا مضطرين إلى العمل سنوات طويلة بعد تقاعدهم تتجاوز سن التقاعد الرسمي وصولا إلى أواخر الستينات وأوائل السبعينات من أعمارهم، وذلك لمواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة. وذكرت هذه الدراسات أن من المتوقع لهذا النمط الجديد لعمل الأمريكيين أن يتسارع في السنوات القليلة القادمة بسبب بدء تقاعد أعداد كبيرة ممن يسمون بجيل "الطفرة"، وهم الأمريكيون الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية ويبلغ عددهم عشرات الملايين. وذكرت إحصاءات وزارة العمل الأمريكية مؤخرا أن 29% من الأمريكيين كانوا يعملون في أواخر ستينات العمر من حياتهم في العام 2006، وهو ارتفاع كبير بالنسبة إلى نسبة 18% فقط من هؤلاء الذين كانوا يعملون في العام 1985.وذكر هذا التقرير أن ما يقرب من 6ملايين أمريكي ممن تزيد أعمارهم على 65عاما كانوا من بين العاملين بانتظام في قوة العمل الأمريكية العام الماضي. وحسب دراسة جديدة للجمعية الأمريكية للمتقاعدين أجريت في أبريل الماضي فإن 27% من العمال الذين هم فوق سن الخامسة والأربعين و32% ممن هم بين سن 55و 65عاما أكدوا أنهم قرروا تأخير خروجهم إلى التقاعد بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في الولاياتالمتحدة. وعلق أحد مسؤولي الجمعية على ذلك بالقول إن "لدينا عمالا اليوم يتمتعون بصحة أفضل ويعمرون حياة أطول ولديهم أسباب اقتصادية أكثر للبقاء في قوة العمل لفترات أطول اليوم". ولكنه أضاف أن ما يساعد في دفع هذه الفئة من العمال للبقاء فترة أطول في أعمالهم هو طلب الشركات الأمريكية المزيد من الخبرة أيضا. وأشارت دراسة الجمعية الأمريكية للمتقاعدين إلى أن دراستها الأخيرة التي أجريت على عمال في الفئة العمرية بين 50إلى 70عاما كشفت النقاب أن 70% بالمئة من هؤلاء يخططون لمواصلة العمل بعد بلوغهم سن التقاعد، وهو سن ال 65رسميا في الولاياتالمتحدة. بل وجدت الدراسة أن بعض هؤلاء لا يفكرون في التقاعد أبدا. وتتوقع الدراسات أن تزداد فئة العاملين الأمريكيين من فئة أعمار 55عاما فما فوق في العقد القادم خمس مرات عما هي عليه اليوم. وشددت هذه الدراسات على أن الولاياتالمتحدة ستواجه طفرة كبيرة من المتقاعدين في السنوات الخمس إلى ال 10القادمة حين يبدأ أطفال "مواليد الطفرة" - وهم الأمريكيون الذين ولدوا بأعداد كبيرة بعد عودة آبائهم من الحرب العالمية الثانية في الفترة بين 1946و 1964ويقدر عددهم ب 78مليون أمريكي في التقاعد. يذكر أن هذا الجيل من الأمريكيين يتمتع بصحة أفضل وبثروة أكبر من أي من أجيال الأمريكيين السابقين. وفيما يعزو بعض المحللين توجه البقاء في العمل إلى ما يتعدى سن التقاعد إلى الحاجة المتزايدة من قبل مؤسسات الأعمال الأمريكية للمهنيين الأمريكيين ذوي المهارة، فإن غالبية المحللين يشيرون بأصابع الاتهام في هذه الظاهرة المتصاعدة أساسا إلى الوضع الاقتصادي. ويشير هؤلاء بصورة محددة إلى تآكل مدخرات الأمريكيين وخطط تقاعدهم التي تهاوت مقاديرها وعائداتها مؤخرا بسبب الانخفاضات السحيقة التي تشهدها أسواق المال والأسهم الأمريكية. كما أن هؤلاء يشيرون أيضا، وفي الإطار نفسه، إلى تآكل قيم منازل الأمريكيين بسبب التردي الحالي في أسعار العقارات الذي تشهده أسواق العقارات الأمريكية مؤخرا. غير أن التوجه يثير قلق المحللين الاقتصاديين - والسياسيين الأمريكيين على حد سواء - لأن هذا التوجه لا بد سيترك آثاره السلبية الواضحة على نسب البطالة في الولاياتالمتحدة، الآخذة في الارتفاع مؤخرا أصلا.