إن فن الاصغاء وصفة جيدة لمد جسور المودة والمحبة بين المتحدث والآخرين، كما أن الانصات يسهم بفاعلية كبيرة لتقوية أواصر العلاقة الزوجية، فعندما تتحدث الزوجة عن أمر يتعلق بشؤون البيت أو الأطفال كم تكون سعيدة ومبتهجة عندما تجد زوجها مقبلا على سماع حديثها وهذا من شأنه بالطبع أن يولد لديها شعوراً مفعماً بالمحبة. يقول ابن المقفع (تعلم حسن الاستماع، كما تتعلم حسن الكلام ومن حسن الاستماع امهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة التلفت الى الجوانب، والاقبال بالوجه، والنظر، والوعي لما يقول). يقول الكاتب (دايل كارنيجي) مؤلف كتاب دع القلق وابدأ الحياة: (إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك حين توليهم ظهرك فهاك الوصفة لا تعط أحدا فرصة الحديث، تكلم بغير انقطاع، واذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث فلا تنتظر حتى يتم حديثه، فهو ليس ذكيا مثلك، فلم تضيع وقتك في الاستماع لحديثه السخيف؟ اقتحم عليه الحديث واعترض في منتصف كلامه). كم يسأم المرء من جليسه عندما ينفرد بالحديث، ويحرص على التعبير عن جزئيات نفسه والقفز على أساسيات الموضوع غير آبه بحق محدثه، ومعرفة درجة وعيه، وانما يسعى دائما الى طرح ما في جعبته من القصص، والأفكار المختلفة في نسيجها والتي لا تحمل في مجملها ملمحا مشوقا. انه أمر مؤسف ان يمتلك المرء كافة أساليب المقاطعة الكلامية بينما يعوزه الحد الأدنى من الصبر، الذي هو من أهم مقومات الاصغاء لاضفاء روح الجمال والشفافية على موضوع المناقشة. *مقدم متقاعد