إن القدرة على الإصغاء بشكل جيد هي بمثابة الدواء السحري، الذي يؤتي ثماره، لإنجاح أية قضية تطرح للتفاهم بين اثنين أو أكثر، وهذه القدرة بلا شك تتطلب قدرا كبيرا من الأمانة مع الذات، فضلا عن التواضع وضبط النفس. إن الإصغاء ضرب من الفنون الجميلة التي تحتاج إلى مهارة فائقة تزيل من الأذهان الاعتقاد السائد لدى بعض الناس بأن الإنصات مسألة لا تحمل أي أهمية، وأن على المرء الإسراع بأخذ زمام المبادرة لمقاطعة محدثه، ثم الاسترسال بالكلام، لأنه على قناعة بأن الاستماع سيجعله في غاية السلبية فعليه أن يتجنب هذه السلبية بشتى الوسائل. كم يسأم المرء عندما ينفرد جليسه بالحديث، ويحرص على سرد مكنونات نفسه غير آبه بحق محدثه، ومعرفة درجة وعيه وإنما يسعى دائما إلى طرح ما في جعبته من القصص، والأفكار المختلفة في نسيجها والتي لا تحمل في مجملها أية ملامح مشوقة. لا ينبغي استباق الحكم على ما يقوله المتحدث، أو القفز إلى النتائج مباشرة، كما أنه لا ينبغي أن نجتزئ ذهننا بحيث نستمع بجزء ونبحث بجزء آخر عن معلومة مشابهة لما يتحدث به جليسنا فإن هذا من شأنه أن يشوه الموضوع ويفقده حيويته.. يجب على المتحدث تجنب عرض نقاط الخلاف لأن ذلك يؤدي إلى وقف الحوار من أوله أو على الأقل يأخذ منحى التحدي فتشمئز النفس، ويكون هم المتحدث نصرة الذات بدلا من السعي لأجل بلوغ الفكرة أو الموضوع، ولعل التسرع في إنهاء الحوار وقلة الصبر على الآخرين واعتداده الزائد بما يتوفر لديه من معلومات وقدرة على الإقناع فيبدأ المحاور بسرد نقاط الخلاف. أحمد علي الأحمد - الرياض