اتخذ عشرات بل مئات الوافدين من كوبري شارع الملك فهد "الستين" الواقع بين حارتي الصحيفة والكندرة في جدة مكانا للسكن والنوم والأكل والشرب وقضاء حاجاتهم.. وبشكل مؤلم ومحزن ومؤسف.. فجميع هؤلاء جاءوا للعمرة والحج ثم انتهوا الى احتلال هذا الكوبري منذ شهور دون أن يتم علاج مشكلتهم وترحيلهم إلى بلادهم.. ومحاسبة من تسبب في مشكلتهم حسابا حازما حتى لا يتكرر مثل هذا الوضع وهذه الحالات. رجال ونساء هنود وبنجلاديشون وباكستانيون واندونيسيون وسيرلانكيون وغيرهم تجمعوا تحت الكوبري رجالا ونساءً بعضهم كما قالوا امضى شهورا في هذا الموقع.. ولم يتغير شيء.. بعضهم كانوا يضطجعون تحت ظلال الكوبري ووسط أعمدته وعلى رصيفه وسط السيارات وتحت أزيز محركاتها ووسط أدخنتها وهي تسير فوق رؤوسهم ليلا ونهارا على ذلك الكوبري. ؟ بعضهم كان يتوسد أحواض النباتات ويغط في نومه بملابسه الداخلية وعلى بعد خطوات منه تتجمع نسوة من جنسية أخرى يتبادلن الأحاديث.. ويرمقن كل ذاهب وعائد بنظراتهن وفضولهن وعلى جانب آخر يتجمع عدد من هؤلاء الوافدين من جنسية أخرى ومعظمهم من الشباب الذين لا تتجاوز اعمار الثلاثينات او اعلى منها بقليل.. هؤلاء المتخلفون ينتمون الى جنسيات متعددة ولكن ذلك الكوبري جمعهم في وضع صعب. أين قنصليات بلادهم؟ عدد كبير منهم عندما ذهبت الى موقعهم لاستطلع سبب تجمعهم وهم يزبدون ويرعدون احتجاجا على قنصليات بلادهم التي لم تحرك ساكنا لعلاج وضعهم وترحيلهم الى بلادهم.. وهذا من أبسط الواجبات التي يجب ان تقوم بها قنصلياتهم لهم بدل أن يظلوا في هذا الوضع المحزن. الجميع اكدوا لي انهم ذهبوا الى قنصليات بلادهم وطلبوا منهم ترحيلهم الى بلادهم ولكن المسؤولين في تلك القنصليات لم يهتموا بوضعهم ولم يفعلوا شيئا لهم. وأعتقد انه يجب ان تلزم قنصليات هؤلاء المقطوعين تحت كوبري الملك فهد "الستين" بالعمل على ترحيلهم وحل مشكلتهم.. وهذا من أبسط الحقوق التي يفترض ان تقوم بها السفارات والقنصليات تجاه رعاياها. علي بابا ضحك علينا بعضهم أكدوا انهم لا يحملون تذاكر سفر ولا جوازات وانهم لا يملكون شيئا.. وقد اخذت جوازاتهم وتذاكرهم من قبل المتعهدين من أبناء جنسيتهم الذين كانوا يتولون احضارهم لاداء العمرة والحج وهرب اولئك المتعهدون الى بلادهم وتركوهم في هذا الوضع. وأوضح بعضهم ان "علي بابا" ضحك عليهم وسرق كل ما معهم.. واختلط في مخيلتي الضحك بالحزن عليهم وانا افهم ما يقصده هؤلاء ب "علي بابا" وانه ليس اسماً لشخص معين من مكاتب ومؤسسات العمرة والحج.. وإنما المقصود به "علي بابا والأربعين حرامي" الذي قرأ وعرف الكثيرون قصته الاسطورية في ألف ليلة وليلة.. ولكن يبدو ان أؤلئك المقطوعين تحت كوبري الملك فهد الستين قد وقعوا ضحية لأكثر من "علي بابا" واحد؟!. مساومة واستغلال البعض يؤكد أن معظم هؤلاء المقطوعين والمتجمعين تحت الكوبري هم أناس مستغلون ومعظمهم بقي فترة يعمل هنا وهناك رغم عدم وجود اقامة نظامية تخول له العمل لأنه جاء للعمرة.. وعندما رغب العودة الى بلاده جاء الى هنا ليتم ترحيله بالمجان على حساب المملكة.. والمفروض ان تقوم الجهات المعنية بالزام قنصليات هؤلاء بترحيلهم وأن تتخذ حيالها الإجراءات التي تجعلها تهتم بوضع رعاياها.. حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات.. وبعضهم اكد لي ان هناك شخصاً أو عدة أشخاص من جنسيات آسيوية عرضوا على هؤلاء المساعدة في ترحيلهم بالمجان عن طريق ادارة الترحيل مقابل ان يدفع كل واحد منهم مبلغ يتراوح ما بين ( 300- 400) ريال حتى يسهلوا ترحيلهم.. ورغم شكي وعدم تصديقي لما قالوع الا ان الكثير منهم أكدوا لي تلك المساومات.. وهذا يتطلب من الجهات المعنية رصد ذلك والوصول لهؤلاء المساومين الذين يحاولون استغلال معاناة أولئك لمصالحهم. وضع غير مقبول كيف يأكل هؤلاء المتجمعون تحت الكوبري.. وكيف ينامون.. وكيف تركوا على هذا الوضع من قبل قنصليات بلادهم ولماذا تسكت الجهات المعنية في المملكة عن هذه اللامبالاة واللااهتمام من قبل قنصليات هؤلاء الوافدين بهم.. لأن كل من يرى وضع هؤلاء وتجمعهم بتلك الصورة يعتقد اننا السبب فيها بينما المتسبب فيها بعض المنظمين لرحلات العمرة في تلك البلاد وسلبية قنصليات بلادهم.. كما اكد لي ذلك العشرات ممن التقيت بهم تحت ذلك الكوبري.. إن بقاء هؤلاء على وضعهم قد يؤدي للكثير من الممارسات غير المقبولة.. وقد يفتح المجال للكثير من الأخطاء التي يقوم بها أولئك لاننا تركناهم دون اهتمام وحبذا لو تم نقل هؤلاء خاصة النساء الى مدينة الحجاج بالمطار القديم حتى يتم التفاهم مع قنصليات بلادهم لانهاء مشكلتهم على وجه السرعة.