من أين أبدؤها وكيف أصوغها.. وبأي شعر يستقيم لساني لا أدري كيف تختنق الكلمات بداخلي عندما اريد ان اكتب عن اصحاب القلوب النقية فلقد خلق الله الخلق واصطفى منهم رجالاً مؤمنين كانوا كالمواعظ الصامتة.. إذا رآهم المؤمن وقف وقفة محاسبة مع نفسه.. لما يراه من زهد وتقى ولين جانب. حقا ما اصعب الفراق وما أشد وقعه على النفس خاصة لمن تركوا في أعماقنا صوراً جميلة تحمل أروع الذكريات. فقد فوجئنا بوفاة اشخاص لهم في القلب مكانة والمفارقة الغريبة انهم يحملون الاسم نفسه وان وفاتهم كانت تباعا.. انهم العم صالح بن محمد الصالح، وبعده الخال صالح بن عبدالعزيز الدخيل، وبالأمس القريب فجعنا بوفاة الخال صالح بن محمد البكر. فقد كان لكل واحد منهم من اسمه نصيب.. فالعم صالح الصالح - رحمه الله - كان دمث الخلق سمح المحيا كريم السجايا حكيما رحيما بشوشا دائم التبسم. اما صالح الدخيل - رحمه الله - ذلك الرجل الذي أفنى عمره لنفع غيره وإدخال السرور على الآخرين.. كان يتمتع بالصبر والتفاؤل والرضا بقضاء الله وكان متواضعاً، مرحا حسن المعاملة يحب الخير للآخرين فعسى الله تعالى ان يدخر له ما ترك من الدنيا وان يبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله. اما صالح البكر - رحمه الله - فقد كان حليماً متأنياً هادئ الطباع، محباً للخير ومحبوباً من الجميع مثالاً للإنسان التقي الورع.. عهده الجميع هادئا صابراً قلما يتحدث الا ما كان في خير وهو مع ذلك بشوش الوجه باسم الثغر على الدوام وهذا ما حبب الناس فيه. خالي الغالي.. لا أدري أي صفاتك أذكر أهو حلمك وهدوءك.. أم عبادتك وصلاحك.. أم احتسابك؟ وذلك كله صنع منك شخصية مميزة محبوبة.. عزائي لكم يا أسرة البكر فاصبروا واحتسبوا واعلموا اننا نشاطركم الحزن على فراقه فهو والدنا جميعا وان القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا على فراقك ياشيخنا لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون). ان القبول في قلوب الناس منة عظيمة من الله تعالى لمن يشاء من عباده، ولقد أجمعت القلوب على محبتهم جميعا وقبولهم وإنا لنرجو الله سبحانه وتعالى متضرعين اليه ان يكونوا جميعا ممن دخلوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد نادى جبريل ان الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: ان الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض. وختاما.. صدق الشاعر الذي قال: عجز البيان وجفت الاقلام ونأى على درب الوداع كلام وتبعثر البوح الذي من أجله أيقظت كل بواعث الالهام وغفت بقايا شمعة كم نورت دربي وحل على الضفاف ظلام ماذا أقول وقد تكدّر خاطري فالقلب ان فقد الكرام يضام والله لو اني حصرت خصالكم وعددتها ما جادت الأقلام هذه هي الدنيا بطبيعتها إن أضحكت أبكت وإن جمعت فرقت. جمعنا الله بهم جميعا في مستقر رحمته ودار كرامته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.