أوى جميلٍ ضاع لي في ابن هاشم أوى رجالٍ ضاع قبلي جميلها لقد كنت انا وياه في زهو بيننا عناني بحجه ما غباني دليلها(1) وعدت كأني شاربٍ من مدامه من الخمر قهوانا قدر من ثميلها(2) او مثل شمطاً مات مظنون كبدها غريبٍ وهي امدوحه عن قبيلها(3) أتاها زمان السؤ حتى تدوحت وهي بين عريبٍ غافلٍ عن نزيلها(4) لذلك انا مما لحاني من الوحا شاكي بكبد اباد فيها زعيلها وامرت قومي بالرحيل وتبكروا ودنوا من شداد الخواير حميلها(5) وقعدنا سبعا ايام مع بوش نجعنا والبدو ما ترفع عمودٍ يقيلها نطل على حداب الثنايا نوازي تظل الجرا فوق النضا وانضيلها(6) ترجمة الشاعر: ورد هذا النص في مقدمة ابن خلدون ولكنه لم يذكر اسم الشاعر واعتقد أن له علاقة بنص سبقه في المقدمة للشريف ابن هاشم وكأنه معارضة له ولكن تختلف القافية ويحتمل أن يكون قائله ذياب بن غانم أو حسن بن سرحان أو ماضي بن مقرب وان كنت أرجح ذياب بن غانم لما يفهم من سياق قصيدة الشريف شكر بن هاشم وان ذياب كان صديقاً له ثم غدره حيث يقول: غدرني ذياب المستشيخ بن غانم وما كان يرضي زبن حمير واميرها غدرني وهو زعمه صديقي وصاحبي و انا له مأمن درقتي ما يديرها وكأن ذياب في هذا النص يدافع عن نفسه وكذلك نجد شكراً في قصيدته ذكر أن ذياب بن غانم هو من أشار على بني هلال بالرحيل: وسدا لها الآريا ذياب بن غانم وعلى يدين ماضي بن مقرب مسيرها وأيد ذلك قول الشاعر في هذا النص الذي بين يدينا: وأمرت قومي بالرحيل وتبكروا ودنوا من شداد الخواير حميلها وان كان هذا البيت يسند أيضا احتمالية أن القائل حسن بن سرحان لقول شكر: وقال إلهم حسن بن سرحان غربوا وسوقوا النجوع ان كان انا هو غفيرها ويعزز ذلك أيضا قول شاعر القصيدة (وأمرت قومي بالرحيل)، أما احتمالية أن يكون القائل ماضي بن مقرب فيعززها قول الشريف شكر في قصيدة أخرى: وتبدا ماضي الجبار وقال لي اشكر ما نحنا عليك رضاش وكذا قول ابن هاشم في القصيدة الأولى (على يدين ماضي بن مقرب مسيرها) .. والأرجح لدي أن قائل القصيدة هو ذياب بن غانم الزغبي نسبة إلى قبيلة زغبة من بني هلال من أهل القرن الخامس الهجري لاتفاق الروايات في الجزيرة العربية وفي المغرب العربي ومصر والشام على نسبه، وكونه يذكر انتسابه لزغبة في قصائده كما في هذا البيت: وبيتٍ لقصار الزغابا يكنهم كما يكن الكهف فروخ حمام إما ابن خلدون فيذكر انه من فرسان بني ثور بن عبادة بن ربيعة البكاء بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن . الهوامش : 1- (زهو) أي مفاخرة وتباهي (عناني) أي قصدني ووجه لي الكلام، (ما غباني) أي لم يخف علي مقصده ومغزاه فالشاعر يوضح انه كان بينه وبين ابن هاشم مفاخرة وان ابن هاشم غمزة بما يحتمل الاهانة. 2- جاء الشطر الثاني في الأصل هكذا (من الخمر فهو اما قدر من يميلها) وقد صححت التصحيف فيها كما يلي (فهو اما) بهذا الرسم غير مفهومة وبالتالي أخذناها ككلمة واحدة ووجدنا تصحيفها الأقرب ( قهوانا ) لان السياق المعنوي للبيت يدل عليها بقوة حيث ان الخمرة يطلق عليها القهوة وبالتالي قهواه أي سقاه من الخمر، وكلمة(يميلها) هي تصحيف(ثميلها) لدلالة السياق المعنوي للبيت، فالمعنى ان الشاعر بسبب تلك الغمزة رجع وكأن ابن هاشم سقاه حتى الثمالة مما ذهب بعقله. 3، 4- الشاعر يشبه نفسه بتلك العجوز التي مات حبيبها وهو متغرب عن أهله ولم يتبق لها أحد وقد جار عليها الزمن حتى كبرت وفارقت أهلها ونزلت بين قلة من الناس الضعفاء المتجاهلين لوجودها بينهم لعدم أهميتها. 5- جاء الشطر الثاني في الأصل هكذا(وقوا وشداد الحوايا جميلها) وهو مصحف لا يمكن فهمه بقراءة رسمه الحالي والشطر ككل يعطي معنى واحداً لذلك نأخذ اقرب كلمة واضحة بذاتها أو واضحة التصحيف فنجد(شداد) من القوة و(جميلها)تصحيف(حميلها) من الحميل وهو ما يحمل من الأمتعة والضمير يعود إلى من تكون وسيلة نقل هذا الحميل ولا ينقل أمتعة الراحلين إلا القوي من الإبل التي تتحمل السفر البعيد إذاً (شداد) صفة للإبل وبالتالي(الحوايا) تصحيف (الخواير) فنخرج ب(شداد الخواير حميلها) فالمعنى المفهوم من السياق المعنوي شالوا على شداد الخواير حميلها، ولكن الرسم (وقوا و) لابد ان تصحيفه لا يخرج من نفس المعنى السابق إذاً(دنوا من) أي (قربوا من) احتمال يرد بقوة ويتسق وزنا ومعنىً مع البيت ككل - و(دنوا) لفظ يرد كثيراً في الشعر الشعبي ومن ذلك قول ذعار بن مشاري بن ربيعان من شعراء القرن الثالث عشر: شدوا ودنوا له عريض البطاني مدربٍ للشيل ما هوب زعزاع فالمعنى أن الشاعر أمر قومه بالرحيل وقد نهضوا في الصباح الباكر وقربوا الإبل القوية لحمل الأمتعة. 6- (الجرا) صغار الكلاب وتهتم بها البدو لاستفادتهم منها في الحراسة والصيد فهم في رحيلهم يضعونها فوق (النضا) أي الإبل لان الجرا لا تستطيع مجاراتهم في المشي و(انضيلها) مأخوذة من نض فيقال نض الماء ينض نضا ونضيضا سال قليلاً قليلاً، والراعي السخال سقاها نضيضا من اللبن وهنا يقصد الشاعر أنهم يسقون اللبن للجراء وهي محملة على ظهور الإبل دلالة على الجد في مواصلة السير وان ليس لديهم وقت لان تنزل الجراء فترضع أمهاتها الكلاب.