منذ حوالي ستة أشهر ذكرت وزارة الصحة ضمن أخبارها الموسمية أنها أصدرت تنظيماً جديداً لمعالجة الحالات المرضية الحرجة بالقطاع الخاص ورغم أن أخبار جميع قطاعاتنا التي تقدم خدمات صحية لا تعدو كونها وعوداً شبيهة بوعود مرشحي الرئاسة الأمريكية هذه الأيام، لأنها مجرد تنافس على منصب، إلا أنني استبشرت خيراً، ومصدر الاستبشار أنني اعتقدت أن وزارة الصحة التفتت أخيراً إلى مطالبتنا المستمرة بضرورة تحميل المستشفيات والمستوصفات الخاصة مسئوليتها تجاه الحالات المرضية الإسعافية وضحايا الحوادث ، وعدم تركهم يموتون على أبواب المستشفيات والمستوصفات الخاصة التي تمتنع عن استقبالهم وتمنع دخولهم خوفاً من تكلفة الإسعاف وتنكراً لما قدمه لهم هذا الوطن المعطاء ويقدم من دعم وفرص استثمار وإعفاءات وإعانات مكنتهم من النجاح والكسب والاستثمار في صحة المواطن والمقيم دون تقديم أي تنازلات أو إسهامات غير ربحية في صحة ذات المواطن والمقيم. التنظيم الذي بشّرت به الوزارة لم يتطرق لضرورة مباشرة الحالات الإسعافية وهو ما ينص عليه نظام المؤسسات الصحية الخاصة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/40 في 14231130ه والذي ينص في المادة السادسة عشرة على أن تلتزم المؤسسات الصحية الخاصة بتقديم العلاج الإسعافي لجميع الحالات الطارئة الخطرة الواردة إليها ، وذلك دون مطالبة مالية قبل تقديم العلاج ، وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية (انتهى) وهو أمر مطلوب من وزارة الصحة لإزالة اللبس الحادث بعد التصريح المذكور. ما صدر من الوزارة كان يصف وبطريقة ارتجالية وعشوائية لا تستند إلى نصوص نظام إلزامي أو لوائح صادرة من الجهات التشريعية ، يصف ما يجب أن تفعله المستشفيات الحكومية إزاء إحالة الحالات التي تستدعي عناية مركزة إلى مستشفيات القطاع الخاص عند عدم توفر سرير بعد إثبات تحريري بمخاطبة مستشفيات حكومية أخرى وردها خلال ساعة واحدة بعدم توفر سرير. هذا التوجيه الكريم من معالي وزير الصحة للمستشفيات الحكومية كافة غاب عنه عدم تعاون كثير من المستشفيات الحكومية غير التابعة للوزارة في تنفيذ تعليمات الوزارة ما لم تكن مسنودة بنص ولائحة ملزمة. ولدى معالي الوزير تجارب سابقة في هذا الصدد. وهذا الوصف الارتجالي لطريقة التعاطي مع ما تستقبله المستشفيات الحكومية من حالات حرجة مع عدم توفر سرير سيفتح باباً واسعاً لتنفيع القطاع الخاص دون توفر المبرر أو عدالة التوزيع لأسباب تتعلق بالعلاقات والشراكة وخلافه. وهذا الوصف المتفائل جداً لم يتطرق مطلقاً للحالة الإسعافية التي ينقل فيها المصاب بحادث أو المريض إلى غرفة الطوارئ في المستشفى الخاص الأقرب بواسطة أقارب المصاب أو فاعل خير أو سيارة الهلال الأحمر ، هل يقبل أم يرفض ويترك يموت مثل الطفل الذي دهس أمام بوابة المستوصف الخاص ؟!. الأهم من هذا وذاك أن البشرى التي بثتها الوزارة منذ أكثر من ستة أشهر لم تطبق على الواقع، لأنه وكما ذكرت وكما يعرف الجميع ومنهم وزارة الصحة أن الوزارة لا تملك الصلاحية حاليا لإجبار مستشفيات القطاعات الحكومية الأخرى على تطبيق قراراتها مما يدل على خلل كبير، (طالع تعقيبات وزارة الصحة على أخطاء المستشفيات الأخرى وستجدها تقول بحسرة ان المستشفى المقصود لا يتبع للوزارة!!)، أما أنا فإنني أشفق على الوزارة بقدر إشفاقي على المريض ولابد لهذا الوضع أن يتعدل إذا كنا نريد رعاية صحية متكاملة ومقننة، ووزارة صحة ذات صلاحيات يحترمها الجميع، لأن قوة المريض من قوة الوزارة.