رغم تواصل الأزمة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة وتواصل الأداء المتردد في أسواق الأسهم والسندات، سجل العجز في الميزان التجاري الأميركي انخفاضا غير متوقع في شهر يونيو الماضي. كما جاء ذلك الانخفاض الملحوظ في الميزان التجاري الأميركي بالرغم من الارتفاع الكبير الذي شهده ذلك الشهر في نفقات الواردات الأميركية بسبب ارتفاع أسعار النفط أساسا. وذكرت وزارة التجارة الأميركية في تقريرها هذا الأسبوع أن العجز في الميزان التجاري الأميركي قد انخفض إلى 56.8مليار دولار في شهر يونيو الماضي، وهو ما مثل انخفاضا بنسبة 4.1بالمئة عن العجز في شهر مايو الذي سبقه والذي بلغ 59.2مليار دولار. وكان العجز في شهر يونيو الأقل منذ ثلاثة أشهر كما كان أفضل بكثير من توقعات وول ستريت التي قدرت أن العجز الأميركي سينوف عن 60مليار دولار لذلك الشهر. وذكرت وزارة التجارة الأميركية في تقريرها أن الصادرات والخدمات الأميركية ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة بلغت 164.4مليار دولار، وهو ما نتج حسب المحللين، عن تواصل انخفاض أسعار الدولار مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي يجعل البضائع والخدمات الأميركية أرخص من مثيلاتها الأوروبية والآسيوية، وبالتالي أكثر جاذبية للمستهلكين. غير أنه وفي المقابل، سجلت الواردات الأميركية ارتفاعا بلغ 221.2مليار دولار في ذلك الشهر، أي بارتفاع مثل نسبة 1.8بالمئة عن مستويات شهر مايو الماضي. ولكن هذه الزيادة نتجت عن الارتفاع الهائل والسريع في أسعار النفط الذي بلغ نسبة 14.6بالمئة في شهر يونيو الماضي وحده. وبلغت قيمة المصروفات الأميركية على منتجات النفط في ذلك الشهر أكثر قليلا من 44مليار دولار. غير أن العجز الأميركي في السلع والخدمات الأخرى عدا النفط انخفض إلى أدنى مستوياته منذ فبراير 2003، بحسب تقرير الوزارة الأميركية. وبالرغم من هذا التحسن في العجز في الميزان التجاري الأميركي، فإن الخبراء الاقتصاديين يشعرون بالقلق من أن هذا التحسن في الميزان التجاري لصالح الولاياتالمتحدة الذي تسببت فيه زيادة الصادرات الأميركية للخارج يمكن أن يتراجع إذا توقف النمو الاقتصادي في الاقتصاديات الشريكة الكبرى في العالم للاقتصاد الأميركي وهي الاقتصاديات الآسيوية والأوروبية. ومع هذا التحسن، فإن العجز التجاري مع الصين، وهو الأكثر حساسية سياسية في الولاياتالمتحدة بسبب مواقف الكثير من السياسيين الأميركيين تجاه الصين، ارتفع في شهر يونيو الماضي إلى 21.4مليار دولار، وهو أكبر ارتفاع شهري في العجز الأميركي مع بكين منذ الرقم القياسي الذي سجله هذا العجز في أكتوبر الماضي والذي بلغ ما قارب ال 30مليار دولار. ويتوقع المراقبون الاقتصاديون تواصل هذا العجز مع الصين في الفترة المقبلة. يذكر أن السلطات الصينية ذكرت في الشهر الماضي أن الفائض في ميزانها التجاري مع العالم بلغ أعلى مستوياته منذ ثمانية أشهر. وكذلك فإن العجز التجاري الأميركي مع الدول المصدرة للنفط في أوبك سجل مستويات قياسية في الشهر المذكور، في الوقت الذي بلغت فيه أسعار برميل النفط حينها رقما قياسيا بلغ 117دولارا. جدير بالذكر أن سعر برميل النفط ارتفع إلى سجلات قياسية أعلى في مطلع شهر يوليو قاربت ال 147دولارا للبرميل قبل أن تنخفض هذه الأسعار بما يقرب من 20بالمئة في الأسابيع الثلاثة التالية، وهو ما أثار الآمال بأن العجز في الميزان التجاري الأميركي الناتج عن ارتفاع أسعار النفط سيبدأ في الانخفاض. وفي مقدم الصادرات الأميركية التي ساعدت في تخفيض العجز التجاري الأميركي في الشهر المذكور هي المنتجات الصناعية مثل حبوب الصويا والذرة والقمح فضلا عن بعض الارتفاع في صادرات السلع الصناعية التي ساعد عليها الانخفاض الملحوظ في أسعار الدولار.