كلّ سنة تزداد شكوى المتقاعدين من تنامي الشعور بالوحدة، وقال أحدهم إنه يمرّ عليه اليوم واليومان لم يحدّث أو يتحدّث إليه أحد. وهذا بحد ذاته يترك الأثر النفسي، ويوحي بالعزلة. في الحجاز، كانت مقاهي الحارات، ومركاز العمدة ملاذاً عن الضجر والعزلة، وطريقها مطروق ومعروف، وأحاديث مشتركة ومختلفة تدور. لا وجود لها الآن. كذا في مصر والشام. كثيرة تلك المقاهي مع أن نمطها تغيّر الآن. وبعضها جعلت عادة الذهاب إلى تلك المقاهي مكلفة... وربما موحشة، يبدو فيها المرء متوحّداً أو من غير رفيق يتحدث إليه. عندنا في نجد. كان "سوق العصر" فسحة لأهل البلدة، يرتاده الناس ليجلسوا فقط، عند بائع قريب أو صديق، وأيضاً اعتاد الناس على "القهاوي" المنزلية مرتين في اليوم، واحدة بعد صلاة الظهر، والأخرى بعد صلاة العشاء، والحديث يدور عن كل شيء وكل اهتمام. في الرياض، ثمة "ديوانيات" يومية أو أسبوعية. وهذه أيضاً ندرت بسبب الهموم والانشغالات.. وأيضاً السير وحوادثه. ومخاطر المشوار. في بريطانيا، يعثر المتصفّح لجريدة التايمز (وهي جريدة النخبة) على إعلان مبوب يقول:- - مطلوب مرافقة، لسيدة تهتم بأدب القرن التاسع. ثلاث ساعات في الصباح، لمشاركتها نفس الاهتمام. حتى في الغرب، صار المرء يبحث عن "الخوي" بفلوس.