يقول نيوتن : " أعطوني مكاناً خارج العالم وأنا أغير لكم العالم " ما الذي يريده نيوتن من هذه العبارة .إنه يبحث عن عزلته التي ستمنحه مفاتيح الابتكار ليحدث شيئاً جديداً في هذا الكون .هكذا يبدو لي نيوتن أراد أن يلجأ لعزلته ليحقق هدفه وما يدور في ذهني حيال هذه العبارة هل العزلة خيار للمبدع أم أنه مجبر عليها؟ أرى بأن العلاقة ملتبسة بين المبدع ومن هم حوله " ممن لايقدّرون معنى الإبداع " .فهو في أغلب الأحيان غريب عنهم يحمل قيماً قد لاتتفق مع قيمهم لاسيما وأن البعض لايطيقون الاختلاف وتشعرهم آراء المبدع وتصوراته بالحساسية المفرطة . حيث أن المبدع في نظرهم إنسان مثير للجدل قد يقودهم إلى التهلكة فهو مختلف عنهم ويحمل مفاهيم لاتستوعبها عقولهم .عليه أجد بأن المبدع مجبور على العزلة ليحتفل بنفسه على ضوء الشموع التي لاتنطفئ في ذاته لطالما كان واثقا منها فالعزلة مسكنه الأنسب ليشعر بالغربة الممزوجة بالطمأنينة التي يبحث عنها في الضوضاء والثرثرة من دونما طائل . أسماء كثيرة مجدت العزلة وأدركت دورها الهام في مسيرة الإبداع فهذا محمود درويش في حديثه عنها يقول : " يشكو كثير من الناس من العزلة أما أنا فإنني أدمنت العزلة ربيتها وعقدت صداقة حميمة معها .العزلة هي أحد الاختبارات الكبرى لقدرة المرء على التماسك وطرد الضجر هي أيضا قوة روحية عالية جداً وأشعر بأنني إذا فقدت العزلة فقدت نفسي أنا حريص على البقاء في هذه العزلة وهذا لايعني أنه انقطاع عن الحياة والواقع والناس ..إنني أنظم وقتي في شكل لايسمح لي بأن انغمر في علاقات اجتماعية قد لاتكون كلها مفيدة " انتهى كلامه . وقد يختلف معي من يرون بأن العزلة داء نفسي تؤدي تبعاته إلى المهالك وهذا صحيح حين تكون النفس البشرية متخبطة من أثر البطالة واللاوعي دونما هدف يوجهها كما أوضح ذلك الأديب الفرنسي بود لير حيث يقول : " أعلم أن الشيطان يتردد بكل سرور على الأماكن الموحشة وأن روح الغدر والإثم تلتهب بإبداع في العزلة لكن من المحتمل أن هذه العزلة لن تكون خطرة إلا للنفس الباطلة والتائهة التي تغمرها أهواؤها وأوهامها " . بقي أن أقول : في حال وجدت الأهداف وحال بينها وبين الإحتفاء هواة التحطيم وأعداء النجاح .حينها تكون العزلة هي الضامن الوحيد ليصمد الإبداع ..دمتم anas 920 @hotmail .com : للتواصل