سامح الله "المشوهة" فقد أفسدت علي المتعة التي قضيتها مع "السجينة". فالوقت الذي قضيته برفقة المشوهة كشف لي زيف المتعة التي نلتها برفقة السجينة. "المشوهة" بالطبع هي رواية المذيعة رانيا الباز لجانبها من قصة العنف الأسري الذي تعرضت له، أما "السجينة" فهي رواية مليكة أوفقير لجانبها من قصة السجن الذي تعرضت له مع أسرتها في المغرب. في رواية السجينة ذكرت مليكة الكثير من التفاصيل الصغيرة لرحلتها وأسرتها من العيش الرغيد إاى السجن الذي استمر عشرين عاماً، وتوسعت في وصف المجتمع المغربي وعاداته وأنماط سلوكه. كان وصفها غريباً جداً والممارسات التي تحدثت عنها تبدو بعيدة عن الواقع. لكنني صدقتها.. على الأقل حتى قرأت المشوهة! تناولت الوجبة التي قدمتها لي مليكة دون أسئلة. أخذت روايتها للأحداث ونظرتها للمجتمع المغربي كمسلّمة لا حاجة للتحقق منها. كانت غلطتي أنني أغفلت، دون قصد بالطبع، الآثار النفسية التي خلفتها سنون السجن على نفسيتها. رواية المشوهة قدمت وجبة مشابهة، تحوي الكثير من البهارات والتوابل حيث شوهت "المشوهة" فعلا وجه الحقيقة. إذ هي قد تستطيع أن تقنع القارئ الغربي مثلا بأن والدها رجعي، كما صورته في كتابها عبر أمثلة لا تعد، لكنها لا يمكن أن تقنع سعوديا واحدا بأن الرجعية أو احتقار المرأة صفة تليق بالرجل الذي سمح لابنته بالظهور على شاشة التلفزيون وبالزواج، رغم عدم قناعته، بمن ترغب. انتقدت رانيا المجتمع السعودي مراراً، وأظهرته للقارئ (النسخة الأصلية للرواية كانت بالفرنسية) بأنه مجتمع معاد بالكامل للمرأة، وهو الكرت الذي لعبته بمهارة وجلب لها دعم الجمعيات النسائية الغربية وأوصلها إلى المشاركة في برنامج اوبرا وينفري الشهير. وفي حين لم توفر المجتمع من نقدها فإنها كالت المديح لنفسها مرارا وتكراراً فهي فائقة الجمال التي أحدثت ببرامجها على القناة الأولى هزة في المجتمع السعودي بسبب جرأتها وكسرها للمألوف وقيادتها لصويحباتها لتحدي قوانين السكن الداخلي للفتيات وغير ذلك من البطولات. أرجو ألا يفهم من حديثي عدم تعاطفي مع ما مرت به رانيا ومليكة، كما أنني لا أبرر ولا أهون أبدا من قسوة المحنة التي تعرضت لها السيدتان. كل ما هنالك أن أمانة الكلمة، في رأيي، قد انتُهكت في الروايتين.