سألت طبيباً سورياً شارف على التقاعد: "أبو أحمد ماهو داء النقرزان".. ابتسم وقال: "من فين جبت ها الاسم!؟"، قلت: من المسلسلات السورية حيث يدعو الناس على بعضهم "الله يبعتلك داء النقرزان".. ضحك وقال: والله لي أربعون سنة أمارس الطب ما شفت حالة نقرزان واحدة ولا أعرف إن كان حقيقة أم أسطورة!!. ومن هنا تشعب الحديث إلى وجود أمراض استثنائية ونادرة لدرجة أن الطبيب يتخرج ويتقاعد دون أن تمر به أو حتى بمستشفاه.. ورغم فشلي لاحقا في العثور على داء النقرزان في القواميس الطبية (لدرجة بدأت أقتنع أنه مجرد أسطورة) إلا أن اهتمامي بهذا الموضوع قادني لمعرفة حالات استثنائية وغريبة فعلا.. @ فهناك مثلا طفل فرنسي يدعى داني وصل الى سن (السبعين) رغم أن عمره الحقيقي لم يتجاوز (التاسعة).. فهو مصاب بحالة تدعى البروجيرا أو الشيخوخة المبكرة التي تسرع عمر الطفل فيبدو ابن السابعة في سن السبعين وابن الثامنة في الثمانين.. والبروجيرا من الامراض القاتلة ولكن الحالات الناجية تنمو بسرعة مذهلة بحيث يمر الطفل بكافة مراحل العمر (الطفوله والشباب والشيخوخة) خلال عشر سنوات فقط!!. @ أيضا هناك مرض التفيل (وهي كلمة مشتقة من الفيل) حيث تنمو أعضاء الانسان بطريقة متضخمة وغير منتظمة - بما في ذلك الوجه والجمجمة - .. ولك أن تتصور استمرار نمو الرأس أو الأطراف بطريقة عشوائية بحيث تتحول إلى ما يشبه الفقاعات الضخمة.. وأول حالة موثقة درست في "جامعة لندن" حيث تابع الأطباء حالة رجل عانى من تضخم مفرط في اليدين والرأس والقدمين حتى أطلقت عليه الصحافة لقب "الرجل الفيل".. والأسوأ في هذا حين تستمر الجمجمة بالتضخم والوجه بالتهدل إلى مستوى الصدر كما هي حالة أشهر (رجل فيل) يعيش حاليا في الصين. @ أيضا هناك حالة نفس - جسدية تدعى ذىكف تدفع المرء لتناول أشياء غريبة وأطعمة غير معتادة.. ويتراوح مستوى الحالة بين أشخاص يأكلون العقارب والصراصير والعناكب وآخرين يأكلون الزجاج والخشب والمعادن و"الزلط".. ومعظم المصابين بهذا الدافع يدركون تميزهم ويستغلون موهبتهم لتقديم عروض جماهيرية مربحة - لا تتضمن خدعا من أي نوع - .. والغريب أنهم لا يصابون بأذى جراء تناولهم المخلوقات السامة - أو الأجسام الحادة التي يعودون لإخراجها بالطريقة المعتادة - . أيضا هناك سندروم أو متلازمة نادرة تصيب الجهاز العصبي فتؤثر في حركات وتصرفات الانسان وتجعله يسير بطريقة غريبة.. فبسبب تآكل بعض نهايات الأعصاب لا تصل أوامر الدماغ بالشكل المطلوب فيسير المرء ويتصرف كالرجل الآلي أو كالجثث المتحركة التي نراها في أفلام الرعب (وفي حالات كثيرة قد تتضرر عضلات اللسان وحبال الحنجرة فتتغير لهجة الانسان ويظنه البعض يتحدث بلغة جديدة)!!. @ وعلى ذكر أفلام الرعب تعرفون (دراكولا) الشخصية السينمائية المشهورة.. هذه الشخصية اقتبست من قائد روماني يدعى (فلادير دراكيول) دحر الأتراك عام 1456واشتهر بشرب دمائهم في حفلات ماجنة. وهذا يثبت أن حالة "التدركل" موجودة في عالم الواقع قبل دخولها عالم الرواية والأفلام.. وهي تعود إلى إصابة الانسان بنقص كبير في خلايا الدم الحمراء الأمر الذي يجعله ميالا لشرب الدماء وتهربه من ضوء الشمس (كما يفعل دراكولا) بسبب لونه الشاحب!!. على أي حال دعونا نكتف بهذا الحد.. وسأخبركم في حال عرفت شيئاً عن "النقرزان".